العراق بين دولة قائمة او فاشلة

بين السيد (مسرور البارزانى) مستشار مجلس أمن أقليم كوردستان قبل ايام في لقاء صحفي أن الدولة العراقية هي (دولة فاشلة) مما أثار حفيظة العديد من الاطراف العراقية و وجهوا النقد و الاستنكار من قبل المدافعيم عن هذه الدولة التي لم تعد لها غير الاسم وفق كل المعايير الدولية , فمن المعلوم ان الاركان الاساسية لقيام أية دولة تكمن في وجود الأقليم (البري – الجوي – البحري) و الشعب و الحكومة (السيادة) و بفقدان أحدى هذه الاركان تفقد الدولة صفتها الدولية ..

و المتتبع لما يجري في العراق من أحداث و تغيرات ليست بالبعيدة و انما لفترة قليلة سابقة يصل الى قناعة بصحة ماصرح به السيد (مسرور البارزانى) بأن الدولة العراقية لم تعد دولة وفق المعايير الدولية و للأسباب التالية :

1. ان العراق لا تمتلك السيادة على كامل أراضيها بل أن مساحات واسعة منها لم تبقى تحت سيطرتها وانما بسطت الدولة الارهابية (داعش) نفوذها و لاتستطيع الدولة العراقية ان تحرك ساكناً في تلك المناطق و ان (داعش) تقوم باستغلال مواردها البشرية و الاقتصادية وفق اجندتها , واسست دولتها على أراضيها ورغم كل المحاولات الحثيثة لم تقدر على استرجاع ما سيطر عليه (داعش) اذاً فإن العراق فقدت ركنيى (الشعب – الاقليم) و أصبحت خارج سيطرتها و هذا الاقليم ببرها و جوها و مياهها , و هذا يعني عدم كمال سيادتها .

2. ان الحدود الدولية التي رسمت بين العراق و سوريا وفق الاتفاقيات الدولية المبرمة بهذا الشأن لم تعد لها وجود فإن الجماعات الارهابية باتت تتحكم في مسافات طويلة من الحدود و بنت دولتها على الاراضي السورية و العراقية دون أي أعتبار لهذه الحدود اذن فالدولة التي لاتملك زمام السيطرة على حدودها كيف يكون دولة بالمقياس العالمي .

3. من أركان الدولة وجود شعب على الرغم من الاختلاف في العدد و القومية و الدين فالمهم هو عيش الشعب على الأقليم في ظل حكومة على قدم المساواة و دون تمييز , فإن الشعب العراقي بات منقسماً على العديد من الاديان و الطوائف و القوميات و تعمل كل منها وفق توجهاتها و تحاول كل واحد اقصاء الاخر بشتى الوسائل , و ان المكون السني أصبح في حيرة من أمره بين العيش في ظل داعش أو الخوف من الانتقام

الطائفي او النزوح الى مناطق أخرى و العيش تحت أمرّ الظروف واصعبها و ترك الوطن رغم ارادته و الشعب الكوردستاني في غالبيته لايعتبر نفسه جزءاً من العراق إلا مارحم ربى .

4. ان الحكومة العراقية لم تعد قادرة على تقديم اقل الخدمات الى الشعب في الجانب الأمني و الماء و الكهرباء و البلديات بل أصبح المواطن العراقي يتخوف من نشرة الانواء الجوية خاصة عندما يتعلق الامر بهطول الامطار لأن نتائجها باتت معروفة من الفيضانات و غمر البيوت بالمياه و قطع التيار الكهربائي و الوفاة بالصدمة الكهربائية و تعطيل الدوام الرسمي ... الخ .

5. ان الحكومة العراقية لاتملك القرار المستقل في ادارة شؤنها لوجود مراكز قوى عديدة بين ايرانية و أمريكية و أخرى روسية .

6. ان الدولة العراقية لم تستطيع توفير الأمن لمواطنيها ضد كل التهديدات الداخلية و الخارجية بين القتل و الاختطاف و التفجيرات و السرقات و السطو المسلح و ان اعداد النازحين و اللاجئين العراقيين في العالم خير دليل على عدم قدرة العراق في تأمين حياة المواطنين و حماية ممتلكاتهم .

كل هذا و العديد من الملاحظات الاخرى التي اكتفينا بذكرها تعد جواباً شافياً و كافياً على أن العراق لم تعد دولة بالمعايير الدولية , و ان بقاء اسمها كدولة تأتي في سياق المصالح الدولية في الوقت الحالي , و ان ماصرح به السيد (مسرور البارزانى) جاء مستنداً الى العديد من الحقائق الواقعية وفق الاسس و ان تصريحات المدافعين عن دولة العراق تأتي في سياق مصالحهم الضيقة او أنه شر لابد منه .