أوجه الفساد الحكومي في المؤسسات العراقية

تتعدد أوجه الفساد الحكومي في المؤسسات العراقية باعتراف كبار قادة البلاد , لتتخذ عدة أشكال والتي أخذت حيزاً واسعاً من اهتمام المواطن العراقي وصدى كبير لدى الاعلام المحلي , الأمر الذي لم يتوقف عند هذا الحد لتتحول ازمات العراق المحلية الى محاور جدل وتحليل دولية تتحدث عن عجائب فساد لم تمر على باحث في التاريخ يوما.
فتتنوع أشكال الفساد في قطاع الكهرباء العراقي وتعدد اوجه استغلالها وتسويقها كأزمة يتاجر بها تارة وتصنع للضرورة المادية لبعض الجهات المتنفذة تارة اخرى.
فمعضلة الكهرباء العراقية المستمرة منذ عقد قد استهلكت ما يزيد عن (40) مليار دولار امريكي منذ بدا مشاريع صيانتها او تجديدها , في بلد يعد من اوائل دول العالم في انتاج الوقود والطاقة الى بقية ارجاء العالم.
فالفساد الحكومي هو الذي اوصل الشبكة المتهالكة اصلا الى هذه المرحلة البائسة.
فقامت الحكومة بابتكار ما يعرف بالخطوط الخاصة وهي خطوط كهرباء حكومية مستمرة الطاقة كان من المفترض ان توجه الى المستشفيات والمناطق الحيوية , لكنها في الحقيقة توجه الى بيوت الأشخاص المتنفذين في الدولة وأصحاب المناصب , حيث تأخذ هذه الخطوط ما نسبته 40% من قدرة الشبكة الوطنية لتوزع على نسبة 5% من المنازل في بغداد , بينما توزع الـــ 60% المتبقية على نسبة 95% من عامة المجتمع , حيث ان الكهرباء الوطنية تمنح للأثرياء والمتنفذين القادرين على شراء المولدات , والذين بدورهم يوزعون تلك حتى على منازل حماياتهم وأقربائهم , وقد وصل الفساد الى حد استخدام اعتماد المستشفيات بالكامل على الكهرباء الوطنية بينما تملك مولدات خاصة بها لا تستخدمها بغية بيع الوقود المخصص لها في السوق وتوزيع ماله على القائمين على تلك المستشفيات , وان دائرة الفساد لا يدخلها فقط المسؤولين الكبار , وانما حتى اصغر مسؤول حكومي ممارس لسلطة ما على بقعة قد تدر له بمال غير مشروع.
وأن الكهرباء في العراق كانت أكثر إشراقا من الآن , حيث قبل عامين مرر البرلمان العراقي قانون سمح للوزارة بالتعاقد مع شركات خاصة لتجديد الشبكة بقيمة 7 مليار دولار , لكن الصفقة انتهت كما غيرها , حيث لم يحقق شيء منها وبعد استقالة الوزير شكلت لجنة تحقيق ولم تقدم تقريرها الى اليوم التي صرح لها احد المسؤولين العراقيين من ضمن لجنة الطاقة والذي نتحفظ عن ذكر اسمه , انه قد طالب بإطلاق تقرير اللجنة في عام 2011, لكن وبفضل نفوذ نائب رئيس البرلمان حينها والذي كان من نفس حزب المسؤولين الفاسدين ضمن التقرير استخدم سلطته ليوقف اكتمال التحقيق وإطلاق التقرير.
ياتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه منظمة الطاقة العالمية بان العراق يخسر ما معدله 4 مليار دولار سنويا بسبب النقص في الطاقة الكهربائية.
ثم في اللحظة الأخيرة يقومون بمنح العقد لمجهز صيني بفرق شاسع في السعر , حيث يتم توزيع الفرق على المسؤولين وأعضاء اللجان المرتبطة بالإشراف على العقد.
وبسبب طبيعة الوضع العام في العراق بعد عام 2003م بالقول بان النظام في العراق بعد الغزو الامريكي تحول من تسخيره بالكامل لخدمة دكتاتور أوحد الى فوضى فساد عامة , حيث شمل ذلك الفساد منح فيزا حج وإصدار جواز سفر , الى طباعة كتاب مدرسي أو انشاء محطة طاقة أو حقل استخراج نفطي , حيث العمولة العامة كانت فيها الرشوة التي طالب بها جميع من تخلل عمله استثمار او عقود في العراق , حيث تحول الفساد الامريكي الذي مول مشاريع غير موجودة وتوقف مع تشكيل حكومة عراقية , الى فساد يتعاقد بشكل لينفذ بشكل مغاير اقل مما هو متفق عليه.
أما طبقة المفتشين فحدث ولاحرج فهم مجرد طبقة أخرى من الفساد في شبكة عملاقة ، وأن لا قوة على وجه الارض تستطيع ان تنهي الفساد في العراق , ليس في وزارة الكهرباء فقط بل في كل الوزارات , لان دوائر المفتشين ذاتها هي أعشاش فساد حيث كل طبقة بيروقراطية هي طبقة أخرى من الفساد , فالفساد في العراق مثل الرب , تعلم بوجوده لكنك لا تستطيع اثباته او نفيه.
وأن ما لا يدركه الشعب العراقي هو ان الفساد المالي في الحكومة العراقية أكثر خطورة بأشواط من إرهاب تنظيم داعش على البلاد , فللمرة الأولى في التاريخ ستجد ان دولة نفطية تجد نفسها عاجزة عن دفع مستحقات رواتب موظفيها وخدماتها ، ولا يسعنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل