البنك وصندوق النقد الدوليين وآليات آل روتشيلد

 

 

ان علاقة العراق مع البنك والصندوق تعود الى انه من المؤسسين بعد أن كان من بين الدول التي وقعت على ميثاق الامم المتحدة العام 1945.

 

وحسبما كنا نسمعه من مسؤولي الصندوق وممثليه عند الالتقاء بهم خلال زياراتهم لبغداد أو في المؤتمرات والندوات والاجتماعات، حيث كانوا يصرحون لنا بأن العراق عضو مثالي في البنك والصندوق وان سجله الائتماني يشهد له بذلك منذ أن كان يقوم بسداد قروض التمويل لمشاريع مجلس الاعمار في خمسينات القرن الماضي قبل موعد الاستحقاق أو بُعيد وضع القرض بتصرفه بأيام معدودة.

 

كذلك كانت العلاقة ممتدة مع بنك التسويات الدولي والمنظمات المالية العالمية أو تلك التابعة للأمم المتحدة. ولم يحصل ذلك مصادفة وانما كان مرتبطاً بمنهاج سارت عليه السلطات المعنية في العراق منذ العهد الملكي، وقد كرست الحكومات المتعاقبة في العراق، سياسة الابتعاد والحذر من الدخول في الالتزامات الخارجية حتى مع البيوتات المالية، ادراكاً منها أن وراء هذه البيوتات سلطات قوية ربما تفرض علينا حقوقاً مبنية على الباطل.

 

وكحقيقة فان ادارة الصندوق التي هي الذراع التنفيذي للبنك الدولي انما بدأت وعبر عقود بابتكار صيغ واتفاقيات تفرض فيها شروطاً ثقيلة على البلدان التي تتقدم بطلب قروض. والشروط في مجملها هي اختراق عميق لحرمة الكثير من الثوابت الوطنية للدول. وما درج عليه الصندوق خلال العقود الاربعة الاخيرة هو الاصرار على ان تتخلى الدول على أي نشاط اقتصادي لتتركه للقطاع  الخاص، وكذلك ايقاف أي دعم لمواطنيها في الغذاء والكساء والعلاج والتعليم ومناح أخرى في الحياة.وهذا أمر ينسف أو نسف فعلاً برامج الكثير من الدول التي توجهت للاقتراض من الصندوق وهي كانت في طريق النضوج، وتم ايقافها بحجة أنها لا تتماشى مع ما يجب أن يتحقق وهو اقتصاد السوق الذي يقوم على قاعدة العرض والطلب في كل مناحي النشاط الانساني.ان ما وضعته النظريات الاقتصادية وخاصة تلك الاساسية التي اثرت في حياة البشرية ومنذ قرنين من الزمان، فانها وبصوت عالي لا يمكن أن تعني شعوب ومناطق العالم خارج المنظومة الغربية التي كانت قادرة على التعامل مع معطيات النظريات الاقتصادية الجديدة معتمدة على تراكم معرفي تجمع لدى مواطنيها والى فكر سياسي وضع قواعد واصول للتعامل بالسياسة دون أي خلط أو استحواذ على فعاليات هو غير معني بها.

 

وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، قامت الدول الجديدة في العالم الثالث والتي جاهدت للحصول على الاستقلال وحاولت بقياداتها الوطنية أن تمسك زمام ارادتها. ووقف زعماؤها بقوة في سبيل التمسك بالارادة، غير أن مصالح الدول الكبرى هي التي فرضت عليهم العودة الى الحجم الحقيقي لبلدانهم أو الى أقل منه، لتثبت المصالح الكبرى أنها وحدها التي تقدر على مسك ارادات الشعوب التي عليها أن تبقى عند مستوى التابع وليس المبادر أو الحالم.وفي هذا الاطار فان صندوق النقد الدولي جاء بآليات عمل تتسق كلياً مع ما تطلعت اليه المصالح العالمية في تجريد الامم الفقيرة من أية أدوات أو امكانية للنهوض والتطور، الا بما وضعته آليات الصندوق من شروط مكبلة لأية تطلعات لتحـــــــقيق الوجود على الأقل.

 

واليوم ونحن في العراق علينا أن نبتعد كثيراً وليس قليلاً عن الالتزام بآليات هذه المنظمات الجهنمية التي تتاجر الآن بأموالنا لديهم مهما كانت محدودة. لنثق بأنفسنا ونوقظها من السبات كي نستأنف الحياة، بعيداً عن آل روتشيلد.