النجاح والفشل عند الأمم

 

ترسخت في الذهن وتعززت عبر الزمن أحكام ، ومفاهيم ونظريات ، عُدت من  المسلمات والثوابت ، وقد تكون في  وقتها وظرفها  صحيحة ، ولا يقربها الرفض ، أو الشك ، او النفي من جهاتها الاربع ، بحكم درجة التطور ومستواه آنذاك ، ومراكزه المحدودة  ، لكنها بعد زمن من التطور الهائل ، وتعدد مراكزه ، ورياح التغييرالكبيرة المتسارعة المصاحبة له ، تصبح   ليست  قابلة للنقاش فقط ، وانما  قد تثبت التجارب عدم صحة الكثير منها ، أو لم تعد تنسجم مع طبيعة العصر ، ومستوى تطوره كذلك ، ويصل العلم والبحث الى نظريات اخرى  اكثر فائدة ومطابقة للواقع ..

 

ومن بين تلك النظريات والمفاهيم  المتوارثة ما يتعلق منها  باسباب فشل أو نجاح الامم ، فبعضها يرتبط بالجغراقية والبيئة والمناخ ، وغيرها بالثروات فوق الارض وتحتها ، وثالثة بالثقافة ..

 

فهل تلك حقيقية مطلقة ، أم هناك عوامل اخرى هي سبب الفشل والنجاح ، والتفاوت بين حالتين متناقضتين ، أوعالمين مختلفين .. ؟..

 

 يبدو أنه لم تكن تلك العوامل هي السبب الاساسي ، بعد أن  توصلت احدى النظريات الى عوامل اخرى لتطور هذه الدولة ، وتراجع اخرى رغم اشتراكهما بعوامل مشتركة ، وتتعلق بالمؤسسات في الدولة ..

 

ولسنا بحاجة الى منظرين وبحوث ودراسات لنعرف مستوى التراجع ، وسببه في العالم العربي لان الواقع الراهن  يوضح  الامر جيدا ، باستثناء بعض الحالات التي تبدو مختلفة في مستوى التطور والنجاح والفشل ، وترتبط بعوامل ذاتية خاصة بها ، خارج  تلك العوامل المشتركة ..

 

ولكن لا بد من الاطلاع على التجارب العالمية ، ومعرفة ما توصل اليه العلم والبحث المعتمد على تلك التجارب ، لنعرف موقعنا بينها اليوم ، وكيف نكون أحسن ، فنحن لسنا استثناء ، او حالة معزولة عن العالم …

 

 وفي هذا الموضوع توصل العالمان  ( دارن اسيموغلو ) و ( جيمس روبنسون ) وهما اكاديميان  متخصصان  في السياسية والاقتصاد الى نظرية جديدة  في علم الاقتصاد السياسي لمعرفة الاسباب الحقيقية لفشل ونجاح الامم ، واتساع الهوة بين الفقراء والاغنياء ، والتفاوت في نسبة التطور ، تضمنها كتاب صدر لهما  في الولايات المتحدة عام 2012 بعنوان  ( لماذا تفشل الامم : جذور السلطة والرخاء والفقر ) ..

 

والكتاب يبحث  اسباب الفقر والغتى ، والقوة والضعف ، ويمتد  في بحثه العلمي عبر التاريح من الامبراطوية الرومانية ، مرورا بحضارة المايا في المكسيك ، الى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق  وبريطانيا والصين  الخ ..

 

ويخلص الباحثان الى أن السبب  الاساسي في التفاوت ،  والنجاح والفشل  بين الامم والدول ، ليس في تلك العوامل المرتبطة بالموقع  الجغرافي او المناخ او الثقاقة ، بل في المؤسسات السياسية والاقتصادية  في الدولة ..

 

ويورد  الكتاب امثلة كثيرة عن الدول التي تشترك بعوامل جغرافية او ثقافية ، أو عوامل مشتركة اخرى ، لكنها تتفاوت  في الغنى والفقر ، والكوريتان ( الشمالية والجنوبية ) أحد الامثلة ،  فرغم  انهما ترتبطان بعوامل واحدة  من حيث الموقع  الجغرافي والثقافة ، لكنهما مختلفين في مستوى الفقر والغنى ، الاولى فقيرة والثانية غنية ، وغيرها الكثير ممن تشترك في عوامل  متماثلة ، ولكن التفاوت والاختلاف  في نظرهما يكمن في دور المؤسسات  السياسية والاقتصادية في كل واحدة منها ..

 

ويكون التقدم  الاقتصادي واضحا في الانظمة الديمقراطية ، على عكس الانظمة غير الديمقراطية ، حيث تتكدس الثروة في ايدي ما يسمى بالنخبة ، بينما يكون مصير بقية الشعب الفقر والتخلف والحرمان ..

 

و في منطقتنا هناك من يتساءل.. لماذا وصلت تجربة دولة الامارات العربية  المتحدة  مثلا  الى هذا المستوى مقارنة بغيرها من جيرانها العرب ، رغم أنها تشترك معهم  في عامل الجغرافية والثقافة وغيرها من العوامل التاريخية المشتركة …؟..

 

واذا كان النفط  يعد من عوامل الغنى والثروة في الدول النفطية ، لكنه كان سببا في تراجع   دولة نفطية مقارنة باخرى نفطية ايضا ، رغم انهما  تشتركان  في عامل واحد ، وهو الثروة النفطية ..

 

وعندما تتبع سبب  التفاوت تجده  أيضا في المؤسسات السياسية والاقتصادية في كل منهما ، إحداهما  استثمرت النفط  بالشكل الامثل في العلم والتكنلوجيا والتقدم الصناعي والزراعي وكل مجالات البناء  ، واولها بناء الانسان ، بينما جعل  من  إخرى في تراجع ، وكان من عوامل ضعفها ، وفي اشاعة حالة  من الخدر والاعتماد على الغير في توفير ما تحتاج اليه..

 

ان اساس النجاح  والفشل  في الدول هو الانسان ومستوى تطوره ، وطبيعة المؤسسات السياسية والاقتصادية التي يشكلها ، وابتكار الوسائل التي تأخذ بيده الى الفضاء الارحب للابداع  والتطور والعلم والبناء بدون قيود تحد من انطلاقته نحو الافضل ..

 

والخلاصة التي تخرج بها من هذا الكتاب هو أن  اي دولة  في العالم لا تنجح في بناء اقتصادها بالشكل السليم ، وما ينتج عنه من رخاء وتطور وقوة ،  وموقع متميز في العالم ، وانسان مبدع ان لم تبن مؤسساتها السياسية ..

 

فالمؤسسات هي من يصنع النجاح ، أو تكون وراء الفشل ، وعندها لا بد من  إصلاحها  ، لكي يتحقق النجاح المطلوب ، وبخلافه يحصل التراجع الى أن تستقر في خانة الدول  الفاشلة ..

 

فأين موقع  العراق من هذه النظرية  ..؟..

 

الواقع يجيب على ذلك التساؤل ..

 

                          {{{{{

 

كلام مفيد :

 

نواصل  نقل ( الفوائد  اللغوية )  وهذه اخرى انقلها بنص كاتبها ..

 

ما الفرق بين بين السبط والحفيد ..؟..

 

السبط  : هو ابن البت ، ولذلك يقال للحسن والحسين ( ع ) سبطا رسول الله ( ص )  ..

 

الحفيد  : هو ابن الابن