الانهيار السريع لتنظيم "الدولة الاسلامية" في سنجار وانسحابه جنوبا كان أمرا متوقعا تماما، وقد حدث ذلك في عمليات استعادة مناطق ومجمعات شمال سنجار قبل عام من الآن، حيث لم يبدي تنظيم داعش اي مقاومة، ولم تحدث معارك بالمعنى الحقيقي. - التنظيم لم يكن يحتفظ في سنجار الا بعشرات او في الحد الأقصى بمئات المقاتلين في مناطق تمتد لمساحة شاسعة.. وهو عموما لا يقاتل في خارج مناطق نفوذه المتمثل بالعشائر العربية السنية الحاضنة له. - سنجار منطقة كردستانية، غالبية سكانها من الكرد الايزيديين، الا بضعة قرى متناثرة يعيش فيها العرب وهؤلاء على مدى العقود الماضية كانوا يتحركون شمالا وجنوبا وفق مصالحهم السياسية والاقتصادية ويتجنبون دائما الخسائر المحتملة. - كانت مدينة سنجار ومعظم مجمعاتها خالية منذ عام وثلاثة اشهر من السكان، والتنظيم كان يفجر عشرات البيوت والمحال فيها بين فترة واخرى، بعد ان نهب كل شيء يستحق النهب، لأنه يعرف انه لن يستمر في المدينة. كل ما يهمه هو ذلك الطريق الذي يربط الموصل بالرقة مرورا بسنجار. - في معركة استعادة سنجار وبحسب مختلف المصادر الحزبية، عدد قتلى التنظيم لم يتجاوز بضع عشرات، معظمهم سقطوا بضربات طيران التحالف وليس بالمواجهات المباشرة... اما في المعارك التي تقع على اراض تمثل حواضنا لداعش، كالرمادي اليوم وبيجي بالأمس كان التنظيم يخسر في كل جولة مئات من مقاتليه ويستميت في القتال. - مع استمرار القصف المكثف لقوات التحالف، ذات السيناريو سيتكرر في سهل نينوى، الذي لا يحتفظ فيه داعش الا ببضع مئات من مقاتليه المستعدين للانسحاب وعدم الخوض في مواجهات خاسرة خارج مناطق نفوذهم وحواضنهم. - اهالي سنجار وسهل نينوى يعرفون هذه الحقائق، وكانوا دائما يسألون: لماذا تتأخر عمليات تحرير مناطقهم، والجواب هو عند الامريكيين المشرفين على العمليات. - المشكلة الحقيقية تكمن في حماية هذه المناطق بعد رحيل داعش عنها، حيث يتوقع ان تتعرض لهجمات او غزوات سريعة خاطفة، بما يفرض الحاجة الى بناء خطوط صد حصينة لتأمينها. - قال زميل ايزيدي عارف بدقائق الأمور في سنجار، معلقا على حجم القوات المشاركة في استعادة المدينة (20 الف بحسب بعض المصادر): هذه القوات تكفي لتحرير فلسطين وليس سنجار فقط!!. - المعركة الحقيقية الصعبة التي تنتظر القوى الكردستانية، هي معركة اعادة بناء المنطقة المدمرة والمهمشة منذ سبعينات القرن الماضي، واعادة الثقة المفقودة لأهاليها المحطمين نفسيا، الضائعين اجتماعيا، المعوزين اقتصاديا، والمغيبين سياسيا، واقناعهم بالعودة اليها، فالغالبية العظمى لأهالي مجمعات سنجار المحررة قبل عام، لم يعودوا الى اليوم اليها.
|