الجبن العالمي

لا أظن أن الدواعش بحاجة الى قنبلة ذرية لأن ما يفعلونه من مجازر ومذابح على مدار العام والشهر والاسبوع واليوم والساعة والثانية أشد إجراما ووحشية من تلك التي سقطت على هيروشيما. وما كان لداعش ان يكون كذلك إلا لأنها تلعب في ساحة فتحها لها الجبن العالمي وعطب الضمير.
هذا العالم المحيـّر حين أستشعر أن إيران ستمتلك قنبلة ذرية لم ينم ليله حتى نجح في منعها من ذلك ولو الى حين. اما داعش فالكل يشهد انه ما بقيت دولة او مدينة او عاصمة إلا وهي عرضة في أية لحظة لعمل إجرامي من الطراز الثقيل. كل انسان أينما كان اليوم ليس في مأمن تام من التفجير او الذبح او الحرق باسم الدفاع عن شريعة الله. مع ذلك صار العالم كما النعجة فاغر الفم في انتظار ساعة الذبح والسلخ.
الدواعش لم يكتفوا باستهداف الأرض والآثار والانهار، بل تمددوا نحو السماء فصاروا يتباهون بإسقاط حتى من يطير فيها. صرت لا ألوم الذي يتساءل صباح مساء: مَن وراء داعش؟ الجواب الذي لديّ حتى الآن ان الذي وراءها هو جُبُن هذا العالم من أقصاه الى أقصاه. والجُبن أشد من البُخل قتلاً للضمائر.
خذوا ما حدث للطائرة الروسية التي أُسقطت فوق سيناء مصر. العالم يقول ان ذلك بفعل قنبلة داعشية. والدواعش، بحسب ما يقال انها معلومات استخباراتية دقيقة، يتباهون وتبادلون التهاني والقفشات احتفاءً واحتفالا بجرائمهم. ولأن العالم صار جباناً نجده بدلا من ان يزحف نحو "دولة الإسلام" برا وبحرا وجوا صار يشمت في مصر وكأنه ينتقم من القتيل وليس القاتل؟ أمع الجلاد صار عالم اليوم أم مع الضحية؟ أجزم لو ان الدواعش وغيرهم من القتلة يعرفون بان حديدة العالم حامية لما استأسدوا على الناس العزّل بهذه الطريقة العلنية من دون خوف أو وجل.
إن ظل العالم هكذا متفرجاً ولم يزحف صوب الدواعش بكل ما يمتلك من ثقل عسكري وبشري، فسيجدهم قد أتوه بأنفسهم. عندها سيصبح الجبان وعديم الضمير ذليلا. وليعلم هذا العالم المشلول أنه "ما غُزِيَ قوم في عقر دارهم إلا ذُلّوا". وما أتعس العيش في عالم ذليل!