"الطوز" ذلك القضاء المنسي والمنكوب


ابادة جماعية بكل ما تعنيها الكلمة من معنى تمارس في قضاء طوز خورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين، حجم الدمار كبير جدا، واعداد الضحايا في ازدياد بعد سلسلة من التفجيرات المبرمجة والممنهجة التي تنفذها المجموعات المسلحة، ومن يقف الى جنبها من القوى السياسية، سيطرة شبه كاملة من قبل قوات البيشمركة الكردية على الاوضاع هناك وتقوم تلك القوات بالاعتداءات المتكررة ضد السكان التركمان في القضاء.
مشكلة سكان المنطقة ليست جديدة والارهاب يحصد ضحاياهم كل يوم. الابادة مستمرة وجميع محاولات ارساء الاستقرار الامني باءت بالفشل. ما يفاقم المشكلة ان القضاء من المناطق المتنازع عليها، وهذه الصفة كلما انطبقت على منطقة حلّت عليها اللعنة، لكن اللعنة على ذلك القضاء اكثر واوضح، لان جزءا كبيرا من سكانه التركمان ينتمون لمذهب بعينه، وهذا ما لا يعجب الاخرين للأسف الشديد.
فيما سبق فإن ادارة محافظة صلاح الدين ليس لديها دافع بما يكفي لحل المشكلة، والحكومة المركزية مكبلة بتدخلات الاكراد في تلك المنطقة، وبين هذه وتلك لم يعد يلبي نداء اهالي الطوز المنكوبين احد!
وسط تلك الظروف وسياسة ترحيل الازمات، لم يبق امام سكان تلك المنطقة، إلا مبدأ التعديل الديموغرافي والانتقال الى مناطق اخرى، قد يبدو الخيار جنونيا للوهلة الاولى، لكن الوضع العراقي الاستثنائي الى ابعد الحدود يتحمل تلك الخيارات الجنونية، بل ربما يجعلها هي الخيارات الاكثر منطقية بالقياس لغيرها من حلول ترقيعية.
ان اهالي طوز خورماتو يبادون يوما بعد اخر، ولذلك لا بد من ايجاد حل لتلك الكارثة التي حلت بهم، ومن يعترض على حل كالذي تقدمت الاشارة اليه عليه ان يتحمل مسؤولية دماء الابرياء التي تسيل بشكل يومي. يكفي ترديدا ببغائيا للشعارات امام استباحة حرمة الانسان بهذه الطريقة الهمجية.
النخبة الحاكمة تمزق هذا البلد الممزق اصلا، فلماذا نطالب المواطن المسكين ونفرض عليه الالتزام بمبادئ طالما تاجر فيها قادتنا السياسيون!
منذ سنوات والمطالبات العقلانية بضرورة ايجاد صيغة من التفاهم بين الحكومة المركزية وادارة الإقليم، لكن تلك الاصوات لم ولن تجد من يصغي اليها، حتى وصلت الامور الى ما هي عليه.
فسلسلة التفجيرات اليومية التي تبيد الحرث والنسل، وممارسات البيشمركة اللامسؤولة ليست لها نهاية في الافق القريب. لقد يأس السكان من المناشدات، فلا نواب مدينتهم يدافعون عنهم، ولا ابناء مذهبهم معنيون، بهم بحكم المحاصصة وما تفرضه حيثياتها الظالمة، ولا حتى النخبة تفضّل الحديث عن مأساتهم في الاعلام، خوفا من تبعات الاتهام بالطائفية، لهذا وذاك ربما لم يتبق امام سكان طوز خورماتو، إلا الحلول المجنونة!