إشاعة أم شاعة

 

في يوم الجمعة المصادفة للـ 16 /10 /2015 بمبادرة كريمة من مركز التطوير الاعلامي شهدت قاعة العلامة مصطفى جواد في بناية المركز الثقافي العراقي في شارع المتنبي محاضرة عن الاشاعة    ..مصدرها وتأثيرها ، سلط خلالها الدكتور حسن كامل الضوء على كثير من المعلومات والشواهد عن خطورة الاشاعة في جميع المجتمعات لكنها عادة ما تكون الاكثر خطرأ عند فقدان الثقة بين المواطنين وحكوماتهم .. المحاضرة اعادة بنا الى سنوات احتدم فيها النقاش بشأن بعض الاخطاء في  المصطلحات اللغوية الشائعة ومنها الاشاعة ام شاعة وايهما اصح لتنتهي المناقشات بتبني مبدأ لم يحظ برضا المتخصصين باللغة مفاده استمرار عدم تغيير ما الفه القارئ من كلمات في الصحف ووسائل الاعلام  خاصة وان الكلمات البديلة كانت هي ايضاً محل عدم اتفاق حاسم بين اهل اللغة انفسهم . وبغض النظر عن دقة استخدام كلمة شاعة ام اشاعة فان المعاجم تشير الى ان (إشاعة مصدر من الفعل اشاع وتعني اذاعة الخبر وافشاءه بين الناس وكلمة شائع اسم فاعل من الفعل شاع بمعنى ذاع .. والشاعة الاخبار المنتشرة).

 

واذا عرفنا ان الاشاعة تعتمد مبدأ تضخيم الاخبار وتهويلها لتظهر على غير صورتها ، وان الشائعة هي اختلاق الاخبار والاحاديث لاغراض غير نبيلة ويتم تناقلها بين افراد المجتمع بحسن نية ، لادركنا مستوى ما عانته وتعانيه مجتمعاتنا من ظلم وحجب للحقائق وتشويهها بسبب ابتعاد الانظمة بمختلف اتجاهاتها عن التعامل معه بصراحة وتعمد حجب المعلومات تارة بدوافع امنية ولمقتضيات المصلحة الوطنية وهذا حق مشروع ولكن بحدود معينة وتارة اخرى وهي الغالبة لاخفاء سوأتها وممارساتها المشينة بحق الوطن والمواطن ..

 

ومن المهم بحسب رأينا المتواضع ان نعود الى ما حصل في نينوى وما تلاه من تداعيات عسكرية  بعدها  لنعرف ان ابرز اسبابها  كانت الهوة الكبيرة التي تفصل بين المواطن في تلك المحافظات وبين الحكومة الاتحادية ما سبب تآكل جرف الحصانة الوطنية حتى بين افراد قواتنا المسلحة بمختلف صنوفها وتشكيلاتها وضبابية المعلومات وعدم مكاشفتها بالعديد من المعلومات والحاجز النفسي الذي بناه القادة والآمرون في ذلك الوقت بينهم وبين غالبية المنتسبين بضمنهم ضباط برتب مختلفة ..لذا فان من انهزم امام عصابة داعش الارهابية ليست قواتنا المسلحة بل المنهج والاسلوب الخاطئ المتبع من قبل المسؤولين الكبار مدنيين وعسكريين نواب ووزراء واصحاب درجات خاصة  الغارقين بالفساد واكل المال الحرام .. وهو ما كان سمة طبعت مؤسسات الدولة العراقية بامتياز لما بعد 2003  .. وما يؤسف له ان تفاؤلاتنا المتواضعة باصلاح حقيقي ذهبت ضحية هذا الاصرار على  اطلاق التصريحات والقرارات من دون ان تجد لها واقعاً للتطبيق على ارض الواقع ما يجعانا كمواطنين في حيرة وتساول وتعجب واستفهام عن حقيقة الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية وتخفيض الرواتب والمخصصات للوزراء وغيرهم من المسؤولين وعن استرجاع عقارات الدولة والقصور الرئاسية المشغولة من قبل بعض ممن انتهت مسؤولياتهم ومن بينهم نوري المالكي ..

 

نعم ما زلنا نتساءل ولاندري مدى ما طبق من هذه القرارات ، التي تشير الاحاديث للمواطنين بعدم تطبيقها .. وبالتأكيد فان الحكومة تعلم ما يدور من احاديث شعبية وما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي من كلمات تهكمية بشأن كل ذلك .. لكنها صامته لاتجيب .

 

ما نريد ان نخلص اليه ونحن نعيش اوضاعاً صعبة وفي وقت نعيش لحظات انتصار حققتها قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها  على عصابة داعش الارهابية ، هو الانتباه الى خطورة الاشاعة وقدرتها على الانتشار كالنار في الهشيم اذا ما استمر منهج اخفاء المعلومات وعدم ممارسة شفافية صدعوا رؤسنا بها من دون فائدة !!مانتمناه صراحة مع المواطن وصدق .