عزيزي "توم" المخرج يُريد: التوقيع "جيري"

عادت مرةً أخرى، لُعبة القط والفأر، بالضبط ذاك المسلسل الكارتوني الشيق، القط "توم" الذي تعاطفنا معه، وهو يلاحق الصغيرة "جيري" ناعمة الملمس، أننا بالفطرة نتعاطف مع الضعيف، لكن مع "جيري" الأمر مختلف، فهي وفي كثير من الأحيان تستثمر تعاطفنا، تبدأ بالمشاكسة، تثير المشكلة، تحقيقاً "للأكشن" الذي يُريده المخرج، وربما يفضله المشاهد.

كُل يوم حلقة جديدة، أتذكر مبتسماً تلك الحلقة التي جمعتهما مع الكلب الذكي، فهو المربوط في بيته الخشبي الصغير، يُعاني من مشاكسات المتخاصمَين، هو ليس بأصل الخلاف، لكنه دخل فيه مرغماً، حتى لعب القط بأحواله، خطَّ لنفسه خط يمثل طول الحبل المربوط به الكلب، وعاكس وشاكس حتى أضحى هو المنتصر.

للكلب كلام أخر، حركة بسيطة فيها بركة كبيرة، محى الخط القديم، خطّ الكلب هذه المرة خطاً لنفسه، مسك القط، بلعوم المسكين "جيري" بقبضة الكلب الثائر، تخيل ماذا حدث؟!

شاهدنا هذه الحلقات الممتعة، أحببناها، قررنا أن نعيش "الأكشن" الذي عشقته طفولتنا، فدخلنا اللعبة، دخلناها بعيداً عن الفأر والقط والكلب، عشناها متفرجين كعادتنا، كما نحب أن نكون، مثل ما يريدونا أن نكون!

البيشمركة دخلت طوزخورماتو، الحشد التركماني يدافع، كِلا الأمرين معقول بنسب متفاوته، فكل شيء جائز في الحرب، وإلا.. لما سمعنا بمصطلح النيران الصديقة.

غير المعقول أمر واحد، هو سِجال المالكي والبارزاني، جماعة هذا وأصحاب ذاك، الفيلم الكارتوني القديم، أتتذكروه؟ هل تتذكرون معي عندما كنا نعيش فيلم الانتخابات الكارتوني؟، زيارة المالكي لكركوك التي استفزت البارزاني، فجاء هو الأخر ومعه البيشمركة!

كأن كلب الطفولة أذكى من بعضنا!

كأننا لم نرى الخط الذي رسموه!

وكأن مشاكساتهم هي من يُعطي لحياتنا "الأكشن"!

حقيقةً لا أعلم من أعطى الصلاحية للمالكي "المقال"، ليتكلم بأسم الحشد! وبنفس الوقت من كذَّب على مسعود وأخبره، بأنه هو من حرر سنجار! هل يعي البارزاني المسكين أن حدود داعش الخلفية لسنجار أنما تلاشت بقوة الحشد؟، وايضاً هل عرف المالكي أن هذا التقدم ما حصل إلا بعد مغادرته كرسي "الرياسة"؟.

نفس اللعبة، توم وجيري، ومثالٌ رائع يقدمه لبعضنا كلب! متى نمحي الخط القديم الذي خطوه لنا؟، متى نخط لأنفسنا خطاً عريضاً نتباهى به؟، نقبض عليهم متلبسين وهم يتلاعبون بمقدراتنا، بوحدتنا التي أمست واقع لا حياد عنه؟، متى يا كُرد ياعرب يا عراق؟.

المخرج له دور كبير، من لا يُريد استقرار العراق ولا يحبذه، من يتلاعب بهذا وذاك، ويتلاعب بنا بهذا وذاك، دوره كبير، أنه مخرج بأمتياز، أنه بأختصار عبقري ينفذ مايريد، بالأخراج فقط.

غداً أو بعد غد القريب، بالتحديد عندما نضع خطوطاً حمراء تحمي مصالحنا، نحن الشعب أقصد، أي عندما نُدمر خطوط مصالحهم، سنكتشف.. أننا شعبٌ واحد، مصيرٌ واحد، قضية واحدة، إلى ذاك الحين.. نسترعي ترككم السلاح.