تأتي الأزمات بما لا تشتهي الشعوب, وتجرف معها مخلفات كثيرة ومتنوعة, تُمجِّدُ فيها شخصيات من غير تأريخ؛ ويعتاش فيها من كان يتغذى على التوبيخ, لها في الأعلام مثل حظِّ الأنثىين؛ وتَطير في سمائنا من دون جناحين, قبل أن تُعَرِّجُ بنا إلى الهاوية, لنعرج عليها قليلاً.
ذهبَ بعض المنظرين إلى أن الأزمة الإدارية, هي مشكلة غير متوقعة قد تؤدي إلى كارثة, إن لم يجرِ حلَّها بصورة سريعة, بيد إن بعضهم عرَّفها بأنها عبارة عن خلل يؤثر تأثيراً مادياً على النظام كله, كما يُهدد الإفتراضات الرئيسية التي يقوم عليها النظام.
أضف إلى ذلك, إنني وَجدتُ في بعض المعاجم, أن الأزمة تُعرف بأنها نقطة تحول مهمة, إما إلى الأفضل أو إلى الأسوأ! وهي تُعدُّ لحظةً حاسمة في وقت عصيب, كما إن أصل مصطلح الأزمة قديم, ترجع أصولَهُ التأريخية إلى الطب الإغريقي, وهي تعني أنها نقطة تحول, بمعنى أنها لحظة حاسمة في حياة المريض.
ثمَّ أُستُفيدَ منها كمصطلح لانتكاسات عديدة, اقتصادية وإدارية وسياسية وغيرها, وحصول الأزمات ووقوعها أمر غير مُستبعد, في كل بلدان العالم, ورغم ما تتركهُ من أثر, فإنَّ الخروج منها يُعتَبَر مصدر قوة, تُضيف الخبرة إلى عقول أهل القرار, وتُشجَّع على تكثيف الدراسات, واستثمار الجهود والطاقات, والعمل على تلافي الأخطاء قدر الإمكان, لاحتمال وقوعها في المستقبل.
صحيح أن حدوث الأزمات في العالم أمر اعتيادي, لكن في العراق! أمر مبالغ بهِ, كلما نخرج من أزمة ندخل بأخرى, وأحياناً لا ندري أننا في أزمة, بل تارةً نستغرب عدم وجود أزمة, بل ذهبنا لتصديرها إلى الخارج.
لأنها تنتج لنا دماء جديدة, ودائماً ما تجلب لنا الدهشة, ونستمتع بأسماء ومسميات لم تتشرف بها آذاننا, وعندَ مرورها تُحوِلُ من يقول (سيدي) إلى من يُقال لهٌ (سيدي) ومن يقال لهُ (سيدي) يشار له بالـ (الأستاذ) ويكون رمز من رموز الصحافة, و (الجابي) يتحول إلى مدير عام, والطامة الكبرى أن من يحلم أن يكون (قائم مقام) يُولَّى على رأس الهرم.
لسنا الوحيدون, لكننا الأفضل, منتجونا الجديد ( أزمة شخصيات).