ثلاثة حلول واقعية للأزمة المالية

المخاوف من ازمة مالية خانقة في العراق خلال العام 2016 ورغم التطمينات الحكومية تزداد عمقاً يوماً بعد اخر، قبل وبعد ارسال الحكومة موازنة العام المقبل لمجلس النواب
الموازنة التي اعتمد أكثر من 80% من مواردها على النفط كدخل اساسي يبدو انه غير مأمون الجانب بسبب انخفاض اسعاره عالمياً وخضوع صادراته لاعتبارات تتعلق بالأحوال الجوية واخرى سياسية تخص أكثر من 500 ألف برميل وضعتها الحكومة في الموازنة كمصدر دخل بينما أحجم اقليم كردستان عن اعتبارها دخلاً عراقياً صرفاً ووضعها منذ مطلع تموز الماضي مورداً رئيسياً له عبر تصديره النفط بشكل مستقل نتيجة خلافاته النفطية مع بغداد واتهامه لها بالتنصل عن تعهداتها التي تضمنها الاتفاق الثنائي الموقع بين الطرفين نهاية العام 2014.

وعلى ما يبدو فأن الـ 17% المخصصة للإقليم في الموازنة لن تدفع من بغداد لأن اربيل تصدر نفطها بمعزل عنها الا في حال اتفاق الطرفين على صيغة عمل جديدة ، لكن السؤال الاهم، لماذا تسكت الحكومة حتى اللحظة عن المطالبة بـ 250 ألف برميل من نفط كركوك ضمن شركة نفط الشمال تشكل نصف الصادرات عبر الإقليم وتذهب أموالها لخزينته ؟

وبالعودة الى المخاوف .. فأن هناك اعتبارات عدة يبدو انها ستسبب بتذبذب كميات النفط المصدر وبالتالي زيادة حجم العجز بالموازنة والمقدر حالياً بـ 23 ترليون دينار بمعنى ان الحكومة وضعت سقف تصدير عال يبلغ 3 ملايين و 600 ألف برميل يومياً بينما الواقع يقول ان هذه الكمية قلما تصدر على هذا النحو كونها تشترط توفر جميع الظروف الموضوعية.

ما يقارب الـ 6 مليارات دولار دخلت للموازنة كقروض لتقليل نسبة العجز الاجمالي فيها، 3 منها تقريباً قدمها صندق النقد الدولي والبنك الدولي، والمعلوم ان الطرفين لا يمنحان اية جهة مستدينة اموالاً الى وفق

اشتراطات ، ومنها ما وضعه البنك الدولي الذي أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري تحرك المجلس لإجراء مناقلة ببعض ابواب موازنة 2016 بالتشاور مع الحكومة استجابة لإشتراطات وضعها هذا الكيان المالي العالمي لتقديم قرضه .

هذه الاشتراطات ربما من بينها ما عبر عنه ممثل البنك الدولي في العراق روبرت ابو جودة الذي دعا بتصريح لصحيفة الصباح بعددها الصادر في 18 تشرين الثاني 2015 ، الحكومة لاعتماد اجراءات تقشفية في الانفاق الحكومي للعام المقبل لتعزيز الإيرادات واحتواء العجز في الموازنة .

ومع عدم توفر معلومات عن المضمون الذي يطلبه البنك الدولي من العراق مقابل منحه قرضين طلبهما تقترب قيمتهما من الملياري دولار بحسب ما كشفته مسودة الموازنة التي نشرتها وزارة المالية، تطرح تسريبات عن طلبه رفع اسعار المحروقات وفواتير الكهرباء وهما امران سبق وتحدثت عنهما مصادر مطلعة في اوقات سابقة.

الاستجابة لهذه الاشتراطات ان صحت وغيرها من الامور التي يفرضها الدائنون يدفع المواطن العراقي ثمنها من قوته يرى خبراء اقتصاديون انها سترهق اقتصاد العراق على المديين المنظور والبعيد وهو ما حذرت منه اللجنة المالية النيابية عبر مقررها النائب احمد الحاج الذي اشار الى ان ضعف التصنيف الائتماني للعراق جعل الدول والمؤسسات المالية العالمية تفرض فوائد عالية وضمانات كبيرة على الحكومة مقابل منحها قروضاً غالبيتها يصرف على قطاعات استهلاكية وغير منتجة ..

عدم صرف مبالغ القروض للمشاريع الاستثمارية ومن قبلها عدم تخصيص اموال كافية للمشاريع المنتجة التي من الممكن ان توفر موارد اضافية للدولة سيترك اثاراً كارثية على اقتصاد البلاد خاصة في حال استمر انخفاض اسعار النفط لسنوات دون ان تضع الحكومة خططاً ناجحة لتقليل إنفاقها الذي بلغت الرواتب والنفقات التشغيلية فيه نصف موازنة العام المقبل الامر الذي يوجب اعتماد 3 خيارات الاول يقضي بتشريع مجلس النواب قانوناً عملياً للدفع بالأجل يلتزم بالسيادة الوطنية ويتجاوز النقاط التي دفعت المجلس لرفض نسخة الحكومة السابقة منه ، يستفيد من تجربة بهذا الصدد لإمارة دبي واخريات لدول نهضت باقتصاداتها بعد

الاستفادة من هذه الصيغة بإقامة مشاريع منتجة تضيف موارد جديدة للدولة من الممكن ان يوفر جزء منها اقساط اثمان هذه المشاريع .

الخط الثاني، هو اعادة التفاوض مع الشركات النفطية العالمية التي منحتها الحكومة السابقة نسب ارباح ثابتة بحسب ما اكدته اللجنة المالية النيابية في وقت سابق وصلت لمستوى حصولها على قيمة مجمل ما تصدره من نفط من ارباح بعد انخفاض أسعار النفط فضلاً عن اعتماد خيار ثالث يضغط بإتجاه اعادة التفاوض مع شركات الهاتف النقال التي اشترت رخصها لـ 15 عاماً من الحكومة العراقية بقيم يصل حجمها الى 10% من كمية ما تحصل عليه من ارباح سنوية وفقاً كذلك لتصريحات اعضاء بذات اللجنة أكدوا ان مجموع أرباح شركات الهاتف النقال الثلاثة بالعراق يبلغ في العام الواحد 40 مليار دولار .