يمكن إيضاح الدور المشترك الذي تساهم فيه الحاجة اقتصاديا بعد أن نقسم أفراد المجتمع إلى ثلاثة فئات الأولى تتمتع بمواهب وطاقات فكرية وعملية وتعيش في مستوى مرفه والثانية تعمل وتنتج ضمن حدود إشباع حاجاتها الأساسية وثالثة لا تعمل بسبب عجز وضعف بدني أو عاهة عقلية ... كما يختلف مفهوم الحاجة تبعا للانظمة فالحاجة في المجتمع الرأسمالي ليست من الأدوات الإيجابية للتوزيع فهي كلما اشتدت عند الأفراد انخفض نصيبهم من التوزيع مما يؤدي إلى الانسحاب من مجال العمل والتوزيع بسبب انتشار الحاجة وشدتها ويعني عرضا" كبيرا" من القوى العاملة وهكذا فأن الحاجة لا تعني شيئا" إيجابيا" في التوزيع الرأسمالي فالحاجة هنا تعني انسحاب الفرد من مجال التوزيع وليس أداة للتوزيع ...اما النظام الاشتراكي فيلغي دور الحاجة في التوزيع لكونه معتمدا" على قاعدة (( من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله )) حيث أن العمل هو الجهاز الأساسي للتوزيع . أما في الإسلام فعملية التوزيع تحدد على أساس القيم والمثل العليا التي تفرض توزيع الثروة بشكل يضمن تحقق هذه القيم وتقليص الحرمان ومن الطبيعي تعتبر حاجة هذه الفئة العاجزة سببا لحقها في الحياة وأداة من أدوات التوزيع (( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم )) ... يقول الشهيد محمد باقر الصدر أن الشيوعية لا تسمح للعمل بإيجاد ملكية أوسع نطاقا" عن حاجة العامل وفق لقاعدة (( كل وفقا" لطاقته وكل وفقا" لحاجته )) في حين يعترف الإسلام بالعمل بوصفه أداة للتوزيع إلى جانب الحاجة وبذلك يدفع الموهوبين إلى إنفاق كل إمكاناتهم في مضمار الحياة الاقتصادية في حين الشيوعية تعتمد التوزيع على أساس الحاجة وحدها دون نوعية العمل حيث جمدت المواهب الطبيعية في الإنسان الباعثة على الجد والنشاط . وهذا يختلف عن وجه نظر الإسلام للدور الإيجابي للحاجة فتكون سببا لحرمان العامل الموهوب من ثمار عمله إذا زادت عن حاجته غير أنها سبب فعال في التوزيع بالنسبة للفئة الثانية واعتبر الإسلام عجز هذه الفئة عن تحقيق الرفاه العام لونا" من الحاجة , أما نقطة الاختلاف الأخرى بين الاشتراكية والإسلام حول الفئة الثالثة حيث يعتبر الفرد العاجز عن العمل محكوما" عليه في المجمعات الاشتراكية بالموت جوعا" وعليه لا يمكن أن تفسر من الناحية النظرية حق حصول هذه الفئة من نصيبها من الناتج العام فهي لا تندرج ضمن الطبقتين المتصارعتين وهنا يتضح بدون شك حيث لا يوجد دليل علمي يسوغ نصيب هذه الفئة من التوزيع واخيرا فقد تعامل الاقتصاد الإسلامي مع هذه الفئات كما يلي كما يراه السيد الصدر: الفئة الأولى تكسب نصيبها من توزيع العمل فيحصل كل فرد على حظة من التوزيع وفقا" لإمكاناته الخاصة فالحاجة إذن لا تعمل شيئا" لهذه الفئة وإنما العمل هو أساس نصيبها من التوزيع . الفئة الثانية فهي تعتمد في دخلها على العمل والحاجة معا" فالعمل يكفل لها معيشتها الفردية والحاجة تدعو لمبادىء الكفالة والتضامن . الفئة الثالثة تعتمد في دخلها على الحاجة وحدها لان هذه الفئة عاجزة عن العمل وفقا" لمبادىء الكفالة والتضامن الاجتماعي في المجتمع الإسلامي . Raji_ali_1961@yahoo.co.uk
|