ويحكم .. انها سنجار

وان كان داعش لا يمر عليه يوم او ليلة الا ويمعن في الانتقام من العراق والعراقيين، لكن هناك مصائب كما الزلازل التي لا تنسى صبّها على رأس هذا الشعب صبّا: مذبحة سبايكر وسبي سنجار.
يوم حرر العراقيون تكريت انزاح شيء من ثقل سبايكر عن الصدور لكن ندبة الجرح العميق ظلت حسرة تصعد وتنزل مع كل نفس عراقي طاهر. كل قدم سارت الى هناك لتأخذ بحق المظلومين من الهمج كانت تستحق التقبيل. من كل قلوبنا المجروحة فرحنا بجيشنا الباسل وبمتطوعينا الغيارى وهم يسحقون جثث ورؤوس الجبناء الذين استأسدوا على شبابنا العزّل.
وعندما تحررت سنجار كنت أتوقع ان الفرحة ستكون بقدر فرحة تحرير تكريت او أكبر. سنجار هذه التي بحسابات الضمير هي كربلاء العصر: عطش وذبح وتقطيع اوصال وسبي نساء وولية مخانيث بكل ما يحمله الوصف من عمق.
كنت أتوقع اننا بمثل ما فرحنا بأبطالنا الذين حرروا تكريت وهم الآن قاب قوسين من تحرير الرمادي، ان نفرح ونملأ الكون احتفالا بأبطال البيشمركة الذين طردوا ابشع المخلوقات خَلْقا وخُلقا وطهّروا ارض سنجار المنكوبة من دنسهم.
إني لأشم رائحة عنصرية وطائفية عند البعض في تعاملهم مع اهم نصر عراقي على داعش. أقول اهم لأن سنجار هي المدينة الوحيدة التي سبيت نساؤها وبيعت بناتها في الأسواق في العصر الحديث.
كل من فرح بتحرير آمرلي، ولعمري ان تحريرها يستحق أكثر من الفرح، ولم يفرح بتحرير سنجار لا بد ان في قلبه مرضا. ومن باب هذا المرض تسلل لنا الدواعش ولعبوا بنا ما لعبوا. واي مرض أبشع من ذلك الذي ينظر لطرد داعش بعيني الحلال والحرام؟
صاحب الضمير العراقي الناصع يفرح لتحرير أي شبر من الدواعش دون النظر لمن حرره سواء أكان أمريكيا او كرديا او سنيا او شيعيا. آخر ما كنت أفكر به ان اجد عراقيا واحدا يضع في باله أي حساب طائفي او عنصري يعمي قلبه ولا يفرح من اجل السبايا على الأقل.
يبدو ان مشكلتنا أكبر من مصائب داعش. انها خلل تربوي واخلاقي عميقين يفرض علينا مراجعة حسنا الوطني فلعل فيه مما هو اشد خطرا من الإرهاب على العراق.