لزكة جونسون |
في خمسنيات و ستينيات القرن الماضي وقبل التطور الذي حصل في معالجة آلام الظهر والعضلات كانت الناس تستخدم لزكة جونسون لمعالجة هذه الآلام وهي عبارة عن قطعة مستطيلة تحتوي على مادة ملينة للعضلات ومخففة للآلام ومادة لاصقة قوية تلصق على موضع الألم في الظهر أو أي مكان آخر فتخفف آلامه ولقوة المادة اللاصقة فيها يصعب انتزاعها وإزالتها لذلك أصبحت مضرب الأمثال عندنا في العراق فالشخص الذي يلح كثيراٌ في طلب حاجة يقال له (لزكة) والشخص الذي يكون ثقيلاُ في مجلس الأصدقاء أو غير مرغوب في وجوده وكلما حاول الأصدقاء إبعاده عن مجلسهم يصر على البقاء معهم فيقولوا له (لزكة دكوم) والشاب الذي يطلب يد فتاة وترفضه ويضل يلح في طلبه عدة مرات يقال له (لزكة خو مو لزكة) ويشابه حال أغلب سياسيينا في العملية السياسية التي جاء بها الأمريكان بعد الاحتلال وتشبثهم بالمناصب ومراكز النفوذ بلزكة جونسون فعندما يحصل أحدهم على منصب حكومي أو يصبح عضواً في مجلس النواب يحاول أن (يلزك) به لأطول فترة ممكنة من خلال دفع ملايين الدولارات مقابل بقائه في المنصب فنراهم يتنقلون في أكثر من منصب وزاري وفي اختصاصات مختلفة في كل حكومة جديدة فمن وزارة المالية الى الداخلية الى النقل الى الخارجية وكأنه (طماطة يرهم لكل مركة ) وكأن العراق خال من النخب العلمية والكوادر الأكاديمية المتخصصة وبدون هؤلاء الوزراء الفطاحل ينتهي أمر العراق أو عندما يفشل أحدهم في الانتخابات البرلمانية ولا يحصل على أصوات تؤهله أن يكون نائباُ في البرلمان في الدورة الجديدة يقوم بالتزلف والتملق لرئيس كتلته والتعهد له بأنه سيكون رهن إشارته في كل شيء مقابل حصوله على مقعد نيابي تعويضي بدل نواب كتلته الذين يتم استيزارهم لمنصب وزاري لكي يبقى لازك بمنصبه كنائب للاستفادة من منافع ومكاسب المنصب لأطول فترة ممكنة لا خدمة للمصلحة العامة فمثل هؤلاء (يلزكون) بالمنصب بكل وسيلة مشروعة أو غير مشروعة على حساب الكفاءة والاختصاص وعلى حساب مصلحة الشعب والوطن وسرى ذلك على المناصب العليا في البلد فرئيس الوزراء يحاول البقاء في منصبه لأكثر من دورة رغم فشله في تحقيق أي شيء لخدمة شعبه ووطنه بل على العكس فهو ضيع شعبه ووطنه وتسبب في كوارث كبرى ومــآس لا توصف وهدر أموال الشعب وثروات الوطن وفرط في ترابه في دورتين وزاريتين ومع ذلك يريد أن (يلزك) بالمنصب لولاية ثالثة ولأطول فترة ممكنة لمجرد حصوله على الوجاهة وعلى المنافع والمكاسب المالية الكبرى له ولمقربيه وحواشيه وأعضاء حزبه ولولا الرفض الشعبي ورفض المرجعية الدينية ورفض الكتل السياسية (للزك) بالمنصب الى ما شاء الله (وما ينطيها) وبعد أن فشل في مساعيه لأن يلزك بالمنصب وتم إبعاده عن رئاسة الوزراء بقوة الله والأمريكان قرر أن لا يستلم أي منصب حكومي لكنه سرعان ما تراجع وقبل بمنصب تشريفي كواحد من ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية وعندما تم إلغاء منصب نواب الرئيس في حزمة الإصلاحات الحكومية ظل (لازك) بالمنصب بحجة أن الإلغاء غير دستوري وبقي (لازك) في مقره الذي يشغله عندما كان رئيساٌ للوزراء الى يومنا هذا كما بقي (لازك) بحماياته وأرتال عجلاته وبمستشاريه. فمتى يغادر سياسيونا ثقافة (اللزكة) بالمنصب ويؤمنوا بالانتقال السلمي السلس للسلطة بعد انتهاء فترة تكليفهم بالمنصب بموجب الأطر الدستورية والقانونية التي وأقروها واتفقوا على العمل بها ولكن عندما تمس مصالحهم الشخصية يضربونها عرض الحائط فكل المناصب هي تكليف وليست تشريفاً وهي خدمة يؤديها المكلف بالمنصب لشعبه ووطنه من رئيس الوزراء الى أصغر موظف في الدولة لا منافع ومكاسب وصفقات كما يحدث اليوم في بلدنا و(لزكة وما ننطيها) وبيع للمناصب واستئثار بها وفق المحاصصة الحزبية والطائفية البغيضة التي أوصلت الجهلة والمزورين والفاشلين والفاسدين وأنصاف المتعلمين الى السلطة فدمروا البلد وضيعوا شعبه ونهبوا أمواله وثرواته وجعلوه من أكثر البلدان تخلفاُ وهدراُ وسرقةٌ للمال العام و تفريطاُ بطاقاته وكوادره الأكاديمية والعلمية ومن أكثر بلدان العالم غياباُ للأمن والقانون وانتشار الجريمة المنظمة ومن أكثر بلدان العالم التي تسترخص دماء شعبها حيث يقتل الآلاف منهم كل شهر دون أي اكتراث من الحكومات المتعاقبة والدولة الوحيدة التي يعيش شعبها في فقر وبؤس وأمية وجهل وأمراض وعوز وذل ومهانة وهو يمتلك ثروات طائلة وعائدات مالية ضخمة من بيع النفط يجري التفريط بها وسرقتها وحرمان الشعب منها بسبب شلة من الفاسدين والفاشلين الذين سيطروا على مقاليد الأمور في هذا البلد المبتلى ( ولزكوا) في مناصبهم فضيعوا الشعب والوطن ودمروا البلاد والعباد ومع ذلك يصرون على التشبث والبقاء في المنصب رغم الفشل الذريع والدمار الكبير الذي تسببوا فيه لبلدهم وشعبهم .
|