حيّة ودرج

استهوت لعبة "الحزم" الإصلاحية، رئيس الوزراء حيدر العبادي، وتقابله القوى السياسية المتذمرة من الإصلاحات قبل أن تنجح في تحويل الإصلاحات إلى لعبة ممتعة المتضرر منها الشعب والمتظاهرين الذين اخذوا يدفعون فواتير هذه اللعبة وتذاكرها المكلفة.

الإصلاحات تحولت من مطلب جماهيري إلى ضرورة حتمية يجب أن تنفذ ولكن مما يؤسف له ان من ينفذ هذه الاصلاحات هم الأناس الخطأ الذين حولوها إلى لعبة "حيّة ودرج" فكلما أنجز العبادي قراراً اصلاحياً يرميه في ساحة هذه القوى لتبتلعه وتعيده إلى خط الشروع الأول.

خلال الأيام الماضية خرجت عدة تصريحات مقربة من العبادي تبشرنا بحزمة اصلاحية جديدة سيقوم من خلالها العبادي بتعديلات وزارية وإزاحة وكلاء وزارات جدد ومدراء عامين بمختلف الوزارات وهي شبيهة بحزمة الإصلاحات السابقة التي اطاحت بوزراء من كتل سياسية ضعيفة فيما تحاشى العبادي ان يرشق حكومته من سباع ضارية أكلت الاخضر واليابس طيلة ثلاث حكومات سابقة، وها نحن بعد مضي اشهر على حزمة الاصلاح الأولى التي اصدرها العبادي وابتلعتها "حية" القوى السياسية بعد أن امتصت زخم التظاهرات وسوّفت ما نتج من قرارات كادت أن تنتقل بالبلاد إلى مرحلة جديدة لولا "رخاوة" اظهرها رئيس الوزراء الذي يعتزم اصدار حزمة جديدة من الإصلاح في جولة جديدة من اللعب المتواصل ضمن الدوري السياسي الممتاز الذي يريد له الساسة أن يكون بلا جمهور فيما الحكم الذي يدير هذه اللعبة هو السيد مدحت المحمود الذي يكاد أن يكون اشبه بحكم قطري يحكم مباراة للمنتخب العراقي فلا ننتظر حكماً نزيهاً، حيث اخذ هذا الحكم باحتساب كل القرارات الاصلاحية وكأنها اهداف أتت من وضع تسلل.

وهكذا نجد انفسنا بعد أشهر من الإصلاحات بلا إصلاحات، وبعد إزاحة الحيتان عادوا ومعهم اسماك قرش أشد ضراوة وفتكاً، وكل هذا والسيد العبادي لا يتعظ ويحاول أن يشارك في الجولة الثانية من الإصلاحية بفريق حكومي مجهد من حزمة باتت حبراً على ورق، وإمكانيات مادية غير متوفرة بسبب خواء ميزانية الدولة فضلاً عن بدء عملية قضم الاحتياط النقدي الذي اختفت منه إذا صحّت الاخبار؛ 10 مليارات دولار لن تجدها عشرات اللجان التحقيقية "النص ردن" التي لم تكشف عن أية اسباب في كل حادثة تم تشكيلها للتحقيق، وتترك مئات القضايا بلا نتائج ولا متسببين بوقوع هذه الكوارث.

بعد كل هذا؛ واذا ما كان السيد العبادي مصرّاً على اصدار حزمة جديدة من الإصلاحات فعليه أن يفكر بشكل جدّي بأنها قابلة للتحقق والتطبيق وليس مجرد دعاية تظهره أنه الرجل المصلح، وإلا ما فائدة قرارات اصلاحية تبتلعها القوى السياسية بذريعة الدستور والقانون، وتتركنا نعيش الفرحة التي لم تتم ونعيش نادبين لحظنا الاسود ونردد: ابو يسر ؛ جسمك مال طاولي ليش تخربه بالإصلاحات!