لا شك ان حرية التعبير و الديمقراطية ستساعد المسلمين في اضعاف التيار الارهابي بين ابناء الجاليات المسلمة والتيار العنصري ايضا . لذلك يتوجب العمل مع سلطات الدول ومساعدتها على تحديد حدود هذا التيار وعزله ومراجعة خطابه المتطرف المبني على رفض الاخر. الخطر الكامن من هذان التياران هو تحديد الاسلام كعنوان للارهاب بعد ان كان دين تعيش تحت رايته كل الاديان منذ قيام الدولة الاسلامية حتى دخول الاتحاد السوفيتي افغانستان دون اي تمييز تحت راية وطن واحد للجميع...
لقد ساهمت التغييرات والتحولات التي طرأت على الحياة الإوربية والمقصود بها التحولات التي حصلت في ارتفاع اعداد المسلمين، وتميزت بان تكون احياء كاملة ذات اغلبية مسلمة مما دفع الاوربيين الى ترك هذه الاحياء التي لاتتماشى مع طبيعة حياتهم واغلاق العديد من المنتديات والمقاهي في هذه الاحياء لقلة الرواد بسبب التغيير في التركيبة السكانية الى خلق حنين للماضي وحقد عنصري جاء نتيجة تغيير طبيعي في اعداد السكان بسبب الخلل في الهرم السكاني الذي تعاني منه العديد من الدول الاوربية. لقد ظهرت العديد من المصطلحات والاسماء في العقدين الاخيرين تعتمد على الترهيب من الاسلام والدعوات عبر المعلومات المضللة من الطرفين العنصري والارهابي مستغلين سرعة تداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي واعلام الاحزاب العنصرية والحركات المتطرفة. وقد تمكن هؤلاء من عرض سلعهم المدمرة من شعارات وافكار لم تكن موجودة من قبل. وهؤلاء يحركون الجماهير عبر طروحات دينية وعنصرية على أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية سيئة ومرفوضة ، وتتسم هذه الطروحات برفض الآخر وأنها تسعى لإحداث تحولات غير ممكنة في الدولة بأستقطاب الحاقدين والمضللين وبعض هذه الحملات تحقق أهدافها وبعضها يفشل وأخرى يتم حرفها عن مسارها لخدمة اغراض دينية او انتخابية. حيث يزودون مريديهم بالأكاذيب لايهامهم بفكر راعي لهذه القطعان.
ان تبادل الاتهامات والارتهان لذاكرة العمليات الارهابية وقباحة الطروحات العنصرية هو معيب في دول حاملة لمشعل الحرية وحقوق الانسان لذلك على السياسيين عدم الوقوع في فخ هذه الحركات. وحقيقة الامر لا يتعلق بمؤامرة على الاسلام او مكائد انما صراحة حاجة الدول لمواجهة التغييرات الهيكلية والبنيوية الحاصلة في التركيبة الاجتماعية عبر برامج جديدة للانتماء. وللأسف الشديد فان العديد من المسلمين لم يستوعبوا الدرس بعد وما زالوا غارقين في ممارسات تكفيرية وفي ابراز قدرات فائقة علي تدمير العلاقات مع المحيط وقطع الطريق للتواصل مع الاخر. لذلك على المجتمعات الاسلامية في اوربا الاستجابة لدعوات تعديل الخطاب وتجديد بناها لكي لا تصبح تشكل خطرا علي افرادها فحسب بل يمتد دمارها المرعب الي مناطق مختلفة من العالم عبر قوانين الطواريء وتحديد الحريات ورفع اسهم العنصريين الذين تتعالى اصواتهم مع كل فعل ارهابي. يقول محمد الرميحي عن التجربة اليابانية وقبول التغيرات التي فرضتها حاجة العصر: الياباني إستجاب للمتغيرات دون أن يفقد نسيجه الاجتماعي فاليابانيون اذن تمثلوا تجارب غيرهم وتبنوها. إن الاستعداد للتغيير جوهر الحقيقة واساس التغيير، وقد كان هذا التغيير في بعض أوقاته عن اقتناع اعتقدت معه النخبة اليابانية انه لصالح بلدها، كما كان بعضه مفروض من الخارج، فقد نقل اليابانيون من حضارة الغير عناصر قوتها، وطوعوا نسيجهم الأجتماعي للتغيرات التي فرضتها عليهم حاجاتهم لمسايرة الأخر. شيء آخر : المراجعة تستدعي أيضا استقراء ما يجري انطلاقا من النظرة للاخر الذي تراكمت عبر التاريخ الاسلامي ومنها تجارب معاملة الاديان الأخرى ونضع ما جرى في سياق التحولات الايجابية للتغيير لكي لاتفقد المنظمات والمؤسسات الاسلامية شرعيتها من خلال تبني أشكالا من الافكار المغلقة على الذات وعدم القبول مراجعة شاملة لكل مايطرح ويطبع ويوزع.
|