في يوم تأسيس حزب البعث المشؤوم والذي يصادف السابع من نيسان بحسب رواية (الجناح العفلقي) للحزب, تلقى الرفاق البعثيون المجتثون وغيرالمجتثين خبرا سعيدا مفاده انه يسمح لمن هو بدرجة عضو فرقة "بتولي اي منصب حكومي بشرط ان يكون من ذوي الكفاءة وتقتضي المصلحة العامة أعادته للخدمة" وفقا للتعديلات الجديدة التي أُجريت على قانون المسائلة والعدالة, بل اكثر من ذلك " يحق لرئيس الوزراء ونوابه استثناء اي شخص مشمول بالقانون واعادته الى الوظيفة او احالته على التقاعد" بحسب التصريح المنسوب لنائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات. ولم تقف البشرى عند (عودة) الرفاق الى الوظائف وتوليهم المناصب الحكومية بل تعدتها لتشمل اعضاء ميليشيا(فدائيي صدام) الذين شملهم التعديل فاصبح بالامكان احالة " فدائي صدام على التقاعد من المنسبين والمنقولين من دوائر الدولة حصراً". اما البشارة الكبرى التي زفها بيان السيد نائب رئيس الوزراء بحسب تصريحه فهي " سيتم عمل ارشيف نهائي نهاية هذا العام 2013 يتم بموجبه حصر المشمولين بالقانون وعدم اضافة اي شخص آخر بعد نهاية هذا العام" اي اغلاق ملف الاجتثاث. اذن في الذكرى المشؤومة لتأسيس البعث العفلقي يزف الينا مجلس وزرائنا العتيد (بشارات) اقراره للتعديلات على قانون المسائلة والعدالة, ولا ادري هل هي محض مصادفة ان يجرى التصويت على التعديلات في يوم السابع من نيسان_قبل يومين فقط من ذكرى شهادة مؤسس الحركة الاسلامية السيد محمد باقر الصدر الذي اعدم على يد البعثيين في التاسع من نيسان_ ام انه امر دبر بليل حتى يصار من ورائه الى ارسال رسائل مختلفة لجهات محلية واقليمية وعالمية؟ فمحلياً وهو ما يهمنا هنا فإن الرسالة واضحة من وراء اجراء التعديلات بهذا الشكل والموافقة عليها يوم تأسيس البعث المجرم فنحن نقرؤها على انها عملية خطب ود للذين تقدموا بمقترحات التعديل وبالتالي خطب ود جماهيرهم التي تقف ورائهم من ناحية, كما انها وكما نفهما مكافأة لشخص نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات الذي (انشق) ظاهريا عن كتلته _ ان لم تكن العملية برمتها تبادل للادوار_ حينما قرر العودة الى اجتماعات رئاسة مجلس الوزراء, وبالتأكيد لابد لهذا الموقف من ثمن, وجاء الثمن كبيراً وهو الموافقة على التعديلات المقترحة على قانون المسائلة والعدالة فضلا عن منح نائب رئيس الوزراء صلاحية الاستثناء بعدما كانت هذه الصلاحية محصورة برئيس الوزراء فقط هذا من ناحية ثانية. وبالعودة الى التعديلات التي اقرها مجلس الوزراء على قانون المسائلة والعدالة لابد من التذكير بقضية مهمة وهي ان هذا التعديل والذي يصبح بموجبه لعضو الفرقة تولي اي منصب حكومي نكون قد افرغنا عمليا قانون المسائلة والعدالة من محتواه الذي لأجله شُرع الا وهو منع عودة البعث من التسلل الى مراكز صنع القرار في الدولة او قيادتها , وبهذا التعديل نكون قد فتحنا الباب على مصراعية امام حزب البعث للعودة من جديد لقيادة الدولة لانه اصبح من حق عضو الفرقة تولى المناصب القيادية العليا الثلاثة التي مُنع منها سابقا وهي وزير او وكيل اومديرعام , ولكم ان تتخيلوا المشهد الان لو اصبح معظم اعضاء مجلس الوزراء او وكلائهم او المدراء العامين في مؤسسات واجهزة الحكومة من البعثيين وأيديهم مبسوطة كيف سيصبح الحال ؟ وهنا من حقنا ان نتساءل اذا كان المعيار وراء (عودة) الرفاق هو امتلاكهم الكفاءة لادارة الدولة وهي الحجة التي استخدمت كثيرا وراء حالات الاستثناء التي منحت للمئات منهم وشغلهم لمناصب حساسة في هيكلية النظام الجديد فلماذا ادارت الدولة ظهرها للكفاءات العراقية المنتشرة في فيافي الارض والتي تستعين بهم الدول التي يقطنونها؟ اليس من الاولى الاستعانة بهؤلاء المخلصين بدلاً من الهرولة لكسب ود الرفاق البعثيين؟ وماذا كانت تفعل الحكومات التي تعاقبت خلال عقد من التغيير؟ ألم تستطيع تدريب كوادر مخلصة تعتمد عليها في ادارة الدولة, ام اننا نجحنا فقط في بناء جيش من الفاسدين والبيروقراطيين المترهلين في مؤسسات الدولة؟ كان بالامكان بالاموال التي سرقت طيلة العشر سنوات المنصرمة بناء افضل الكوادر . أن تمرير هذه التعديلات هو تنازل لمن لايستحق, سيزعزع ثقة الاكثرية الساحقة التي أكتوت بنار البعث بقياداتها السياسية هذا اذا لم تكن تلك الثقة قد تزعزعت اصلا بسبب الفشل والتعثر وعدم انصاف هذه الاكثرية رغم تضحياتها الكبيرة الامرالذي سيؤدي الى احجامها عن التصويت لمن وافق على التعديلات عقوبة له, في حين سيكون نصراً للقوى السياسية التي طالبت بالتعديلات مما سيزيد في حظوظ فوزها بالانتخابات. كلمة اخيرة الى الشرفاء من اعضاء مجلس النواب تصدوا لهذه المهزلة التي ان مرت فإن ضحايا البعث لم يعد امامهم سبيل سوى الدفاع عن انفسهم وعن التجربة الديمقراطية الفتية من سطوة البعث القادمة. اخشى أن يأتي اليوم الذي يمنح فيه ديكتاتورالبعث صدام لقب(شهيد) في ظل سياسة التنازلات الانبطاحية, وعلى ما يبدو اننا على موعد مع مهازل تنازلية جديدة مع كل أزمة تعيشها البلاد وما اكثر الازمات التي تنتظرنا اذا ما استمرت طريقة ادارة الدولة بهذه الكيفية. |