منذ ثلاث سنوات تقريبا تدور في اروقة الاتحاد الاوروبي نقاشات حامية الوطيس حول العديد من التفاصيل المتعلقة بضرورة مكافحة الارهاب وضبط الحدود والتضييق على تحركات الجماعات الارهابية. في كل مرة وكلما حمت وتيرة المفاوضات يتم تأجيل البت لأسباب مختلفة ادارية وفنية مختلفة. لكن بعد انفجارات فرنسا اصبح الجميع متهيئا تماما لاتخاذا حزمة من القرارات المهمة المتعلقة بمصير الاتحاد وان قوة ما حدث كفيلة بإسكات الاصوات المعترضة. ان الفسحة والحرية التامة التي منحت مواطني الاتحاد الاوروبي طيلة الفترة الماضية مهددة بالمراجعة، هناك اجواء ضاغطة جدا على اصحاب القرار لكي يعيدوا بالنظر باتفاقية "شنغن" اولا، وثانيا هناك مقترحات ترفع سقف التعاون الامني الى درجة اعلى بين اعضاء الاتحاد. المفوضية الاوروبية اقترحت انشاء وكالة استخبارات اوروبية لكن ذلك يتطلب تعديل بعض المعاهدات خصوصا وان المعلومات الامنية في عرف الاتحاد الاوروبي من صلاحيات السلطات الوطنية لكل بلد، ناهيك عن صعود احزاب وجبهات قومية في بعض بلدان الاتحاد الاوروبي لا تهدف فقط لعدم منح صلاحيات اكبر للاتحاد الاوروبي بل تعمل بالضد من البقاء في خيمة الاتحاد وذلك يمثل تحديا كبيرا في وجه الاصلاحات الجديدة. بعض بلدان الاتحاد دعت الى مراجعة الاسس التي اقيمت عليها تلك المنظومة الدولية، ليحدد كل طرف مصيره حول البقاء او الخروج من خيمة الاتحاد او على الاقل الخروج من بعض منظومات الاتحاد الاوروبي التي لا تشمل جميع الاعضاء كما هو الحال مثلا مع مجموعة اليورو. جدل كبير وبدرجة اعلى من الاهمية يدور مؤخرا عبر سلسلة من القمم التي شملت وزراء خارجية الاتحاد، وزراء الداخلية وكذلك زعماء البلدان. الحراك المكوكي الاخير لأعضاء الاتحاد لن ينتهي دون حزمة من القرارات المهمة وغير المسبوقة لا شك في ذلك، لكن الى اي مدى سيكون عامل الارهاب ضاغطا في اعادة هيكلة البنية الادارية التي تنظم تحركات المواطنين الاوروبيين داخل خيمة الاتحاد هذا ما لا يمكن البت به في القريب العاجل وذلك لان جزءا من تلك القرارات سيكون احادي الجانب، ولو لفترة محدودة فالملف الامني اولوية لا يعلى عليها بالنسبة لبلدان يمثل الامن فيها ركيزة اساسية فيما يتعلق ليس بسلامة المواطنين فحسب بل ايضا في التأثير سلبا او ايجابا على الاقتصاد.
|