الفعالية النوعية لمجموعة من الناشطين المدنيين في مدينة العمارة، المتضمنة زراعة أشجاراً بأسماء الشهداء في حدائق المدينة، تمثل واحدة من الصور الباهرة لمنظمات المجتمع المدني المحترمة لعناوينها المهنية وأدوارها الحقيقية في الواقع العراقي الضاج بالضبابية وتداخل الادواروخلط الاوراق للتغطية على الفساد . فقد قامت مجموعة من الناشطين بزراعة أكثر من (2000) الفي شجرة، بأسماء شهداء من مدينة العمارة، ممن استشهدوا وهم يتصدون لعصابات الارهاب في مواقع العمليات، تخليداً لارواحهم التي قدموها دفاعاً عن الشعب والوطن، وهونشاط يستحق الأحترام والتقدير، كما يستحق أن يكون مثالاً يُحتذى في جميع مدن العراق، كي يتحول الى منهج مميز يحسب لمنظمات المجتمع المدني، لأن شهداء الوطن أكبر من عناويين سكنهم ومحلاتهم ومدنهم، وأكبرمن عناوين انتماءاتهم الفرعية . الشجرة رمزمتفرد في حياة البشرية، وليس أدل على ذلك من انتساب عنوانها الأول الى (آدم)، وأشجارالشهداء المغروسة في ميسان تعبرعن معنى استشهاد المدافعين عن الشعب والوطن ضد الأرهاب، لأن جذورها تستقرفي(حضن الأم) الأرض العراقية، وأمتدادها الأخضر يندفع الى الأعلى باتجاه السماء التي تسامت أرواح الشهداء اليها، وهم أنبل الناس وفقاً للمفاهيم الحقيقية للأديان، التي تتقاطع مع فلسفة الأرهاب الظلامية الملطخة بالدماء!. الفكرة التي اعتمدتها مجموعة الناشطين المدنيين في ميسان يمكن تطويرها لتكون برنامجاً وطنياً عراقياً نوعياً، وممكن أن يطبق في كل انحاء العالم، اذا استطعنا حمايته من تدخل السلطة، لأن تجاربنا معها في العراق تفرض علينا الحذرالعالي من فساد طواقمها، وهي لاتختلف عن مثيلاتها في البلدان الاخرى، عليه يكون من الواجب أن تتبنى منظمات المجتمع المدني هذه التجربة، وتعمل على أن يكون لكل شهيد شجرة تغرس أمام بيت عائلته تحديداً، بدلاً من الحدائق العامة والجزرات الوسطية( كما جرى في العمارة)، لأدامة رعايتها التي لايمكن ضمانها حين تغرس في الحدائق العامة والحزرات الوسطية، واشارةً الى الاحترام والتقدير لهذه العوائل التي قدمت شهدائها دفاعاً عن العراق وشعبه. ولأن هذا المشروع (شجرة لكل شهيد)، يحتاج الى تمويل وادارة وبرنامج عمل، فاننا نقترح أن تبادر منظمات المجتمع المدني في المحافظات الى تشكيل فرق تنفيذ ومتابعة وصندوق تبرعات من المواطنين، لتنفيذه بعيداً عن الدوائر الرسمية، كي لايكون منفذاً للفساد المستشري في مؤسسات الدولة ودوائرها الفرعية، لأن قيم الشهادة ومعانيها يجب ان تكون نظيفة من كل الملوثات !. تحية وأحترام للمساهمين في مبادرة منظمات المجتمع المدني لتكريم الشهداء في مدينة العمارة، ودعوة لمثيلاتها في باقي المدن العراقية لتبني المبادرة والعمل على تطويرها،والذكر الطيب لشهداء العراق على مدى تأريخه .
|