لا تستغربوا تفاقم مشكلاتنا المالية وإليكم الأسباب |
أعلنت وزارة النفط ومن خلال موقعها الالكتروني ، عن الكميات المصدرة من النفط الخام والإيرادات المتحققة لشهر تشرين الأول الماضي ، وحسب الإحصائية الصادرة من شركة تسويق النفط العراقية ( سومو) فقد بلغ مجموع الصادرات النفطية ( 83.800) ثلاثة وثمانون مليون وثمانمائة ألف برميل ، فيما بلغت الإيرادات المتحققة (3.290) ثلاثة مليارات ومائتين وتسعون مليون دولار ، وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط إن انخفاض الصادرات من الجنوب يأتي بسبب سوء الأحوال الجوية لأكثر من أربعة أيام والتي عرقلت عمليات التحميل للناقلات النفطية ما انعكس سلبا على مجموع الصادرات النفطية ، وأشار إلى إن الصادرات النفطية من ميناء جيهان متوقفة لعدم التزام حكومة إقليم كردستان بالاتفاق النفطي ، وقال إن معدل سعر بيع البرميل الواحد من النفط الخام بلغ (39.260) دولار . وتشير هذه البيانات إن إيراداتنا الأساسية لتمويل الموازنة الاتحادية تعاني من مشكلات حقيقية ، فالمعدل اليومي للصادرات بلغ 2.8 مليون برميل وهو يقل بمقدار نصف مليون برميل يوميا عن الرقم المخطط في قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2015 ، كما إن معدل أسعار بيع النفط الفعلية قد بلغت 39 دولار للبرميل في حين إن السعر المخطط في الموازنة الاتحادية هو 56 دولار للبرميل ، كما إن الصادرات من جيهان مقدارها صفر في حين يفترض أن تكون بمقدار 550 ألف برميل يوميا ، ومن الناحية العملية فان الإيرادات المخططة للشهر الماضي يفترض أن تكون 5.544 مليار دولار في حين إن المتحققة فعلا هي 3.290 مليار أي بنقص في الإيرادات مقداره 2.254 مليار دولار للشهر الماضي فقط ، وهذا من شانه أن يزيد من حجم العجز في موازنة 2015 ويزيد من المشكلات المتعلقة بالإيرادات ، وبالطبع فان هذا العجز سيدور إلى موازنة 2016 ويجعل البلد مضطرا لولوج خيارات صعبة وغير آمنة لتغطية العجز وتقليص الإنفاق التشغيلي والاستثماري والاضطرار لتقليل الخدمات والتوجه لزيادة الضرائب والرسوم وزيادة شد الأحزمة على البطون الخاوية أصلا والتي ورثت الجوع . وان من يتم تحميله تبعات الانخفاض في الإيرادات هو المواطن ، فالحكومة تقول إن نفقات رواتب الموظفين عالية ولم تعد إيرادات النفط قادرة على تغطيتها ، وفي الوقت نفسه لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحؤول دون انخفاض الإيرادات رغم الادعاء بزيادة الإنتاج النفطي ، فجميع الدول المنتجة للنفط قد تأثرت بانخفاض الأسعار ولكنها لم تقف مكتوفة الأيدي ، فالبعض منها لجأت إلى زيادة مبيعات النفط والبعض الآخر بحث عن مصادر أخرى لزيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال تفعيل القطاعات الاقتصادية المنتجة للدخل ، والقليل منها بقى يتباكى ويحمل هذا وذاك أسباب العجز في الموازنة ، فالمطلوب في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها بلدنا هو العمل لإيجاد حلول مقنعة لمواجهة الأزمة لا من خلال المديونية الداخلية وإصدار حوالات الخزينة والاقتراض الخارجي ، وإنما من خلال استثمار الموارد المحلية من الزراعة والصناعة والسياحة وغيرها ، واستثمار هذه الموارد يتطلب تفهم المشكلات الحقيقة لهذه القطاعات والعمل على علاجها حلا حقيقيا وليس ترقيعيا من خلال استثمار الخبرات والكفاءات المحلية لتكون جزءا من الحلول وليس تكرار الأسماء لترسيخ وتوطين الفشل في الاقتصاد . ومما يثير العديد من علامات التعجب ، إن المسؤولين عن إدارة المال أسرعوا في اللجوء إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجهات دولية أخرى مختصة بالمال لغرض مساعدتهم في تشخيص المشكلة واقتراح الحلول ، وكأنهم تناسوا إن العراق يمتلك مكاتب استشارية في الكليات والجامعات وفيها خبرات وطنية وهناك كفاءات داخل وخارج العراق من الممكن إن تقدم خبراتها بهذا الخصوص ، وما يخشاه المخلصون هو استسهال الحلول دون إجراء حسابات متكاملة لنتائجها ، كما إن من الغريب أن نحدد المشكلات ولا يتم البحث عن أفضل الحلول ، فهم يقولون إن العراق فيه أكثر من 4 ملايين موظف وهم يستهلكون معظم إيرادات الموازنة ولكن هل فكرنا كيف نحول هذا العدد إلى طاقات منتجة للدخل ؟ ، ويقولون هناك أكثر من 400 ألف موظف في شركات الصناعة التي تعمل بالتمويل الذاتي وغير قادرة على إنتاج رواتبها ولكننا لم نعمل على تحويل هذه الشركات إلى منتجة فعلا ، فالتمويل الذاتي يفترض أن يكون نعمة وليس نقمة ، وينطبق الحال على الزراعة التي تمتلك كذا دونم صالحة للزراعة دون البحث عن الوسائل التي تجعل العراق ينتج جزءا مهما من سلته الغذائية ، ومن المؤسف حقا أن الحلول تركز على التقشف والتقشف يزيد المشكلات . إن الوقت الحاضر ليس وقتا للنظير وتوصيف المشكلات فحسب وإنما يحتاج إلى الشجاعة في الإصلاح الفعلي للاقتصاد ، والسبب إن أسعار النفط سوف لا تتعافى في الأمد القريب والعالم ربما سيشهد ركودا اقتصاديا بسبب التخوف من الأعمال الإرهابية التي دخلت أوروبا بالفعل ، والأزمة الحالية يجب أن لا تجعلنا نجامل وبدون إجراءات فاعلة وسريعة لإيجاد حلولا لصادرات العراق من جيهان التركي والمشكلة مضى عليها شهران ، وهي مشكلة ليست دولية أو إقليمية وإنما مع شركاء لنا في الوطن من الممكن التباحث معهم بالطريقة المناسبة بما يحقق المصالح العليا ، والحلول المالية والاقتصادية لما يمر به بلدنا اغلبها تتعلق بالتمويل ومن أول هذه الحلول هو الابتعاد عن صناعة الازمات ثم البحث عن مخارج لها ، فليس من المعقول أن نضع أرقاما للصادرات وهي غير قابلة للتطبيق من حيث حجم الإنتاج والصادرات والأسعار والتوقفات في التصدير ، ومن الضروري أيضا الرجوع إلى الصحيح وهو العمل على استثمار ثرواتنا الوطنية وعدم إبقائها رهينة وملكا للدولة بدون تشغيل ، ونقولها بصراحة إننا في وضع نحتاج فيه لممارسة المسؤولية الحقيقية ، فمن المعيب تجيير المشاكل للشعب فالصحيح العمل بجد للتخفيف عن كاهل الناس .
|