المنصب.. رؤية وإختصاص |
يُعد الوزير( مستشار الحكومة في قطاعه ) ، و( أكبر مسؤول تنفيذي في الوزارة ) ، بسبب موقعه الاول فيها ، وليس مجرد موظف بدرجة وزير ، ولهذا لا يجوز أن يُنسب اليها كيفما إتفق ، أو تُراعى فيها ( العدالة ) وفق مبدأ المحاصصة ، ويُنسى الحق الوطني ، ويكون المعيار هو النسبة والتناسب في المواقع بين الكتل والاحزاب المشاركة في العملية السياسية … أي بمعنى أن يكون الوزير اختصاصيا في مجاله ، أو سياسيا له رؤية واضحة لقطاعه يعمل على تحقيقها من خلال هذا المنصب …
أن المحاصصة في غياب الكفاءة ، تجعل الموقع لخدمة الكتلة والحزب ومن يشغل المنصب ، وليس الدولة والشعب ..
واختيار الحكومة ليس هو استحقاقا انتخابيا فقط ، يعتمد على القدرة على كسب الاصوات ، أو إرضاء من يعنيهم الامر في التعيين ، بقدر ما هو إختيار لبرنامج جديد للحكومة يحقق نتائج تعالج الاخفاق اذا ما وجد في الوزارة السابقة ، أو يضيف نسبة نمو للتطور، وإنجازات اخرى لما تحقق سابقا ..
وبخلاف ذلك يصبح المنصب تشريفا و( مكافآة ديمقراطية ) بفعل الاصوات ، وليس من حق أحد محاسبة من يشغله ، أو يكون متفضلا عليه ، وليس أمام الشعب غير الانتظار ، لكي تنتهي مدة الدورة الانتخابية ، لكي يأتي غيره ، وعندها تكون البلاد في دورة متوالية من التراجع ، بفعل المحاصصة ، بدل أن تكون في حالة مستمرة من التطور ..
وفي ضوء المبدأ الديمقراطي الذي جاء به الوزير الى المنصب ( بفضل أصوات كتلته ) ينبغي ان يخضع الوزير أولا ، ثم التشكيلة الوزارية عامة للاستفسارعما تحقق من نسب نمو ، وما تم انجازه من البرنامج الحكومي ، والمساءلة في حالة الاخفاق .. ذلك هو الشق الثاني من العملية الديمقراطية ..اذ يفترض أن يكون الشخص الاول في الحكومة قد حدد في برنامجه – معتمدا على خطط وزرائه – كم من المشاريع ستحققها حكومته خلال مدة ولايته ، ويعلن في نهايتها كم حقق منها ، وكم زاد عليها ، ولماذا لم يصل الى الرقم المحدد ، اذا ما حصل تراجع ..
هذا هو المبدأ العام ، وخلافه استثناء ولا يقاس عليه ..
وعلى سبيل المثال عندما يكلف شخص ما بوزارة الصناعة مثلا ، ينبغي أن يكون قد أعد خطة قصيرة للوزارة ( سنة مثلا ) وخطة استراتيجية قدمها للحكومة يتعهد فيها بتحقيق نسبة نمو معينة في مؤسسات الوزارة ، تضمن تشغيل كذا عدد ا من العاملين ، ويحدد المجالات التي يجري فيها التوسع الصناعي ، وما هي مساهمتها في تقليل الاستيراد بانتاج ما تحتاجه بلاده ، وتكون له رؤية واضحة للقطاع الخاص الصناعي ، وكيف يساعد القطاع العام في انتاج حلقات معينة ، وكيف يكون التكامل بينهما وهكذا ..وان يأخذ في إعتباره أن الصناعة في عالم اليوم ، ليس قاطرة في التطور فقط ، وانما لها ( حصة الاسد ) في توفير فرص العمل وسد الحاجة للسلع ، ولها نسبة كبيرة في الصادرات والناتج القومي عموما ..
وهكذا بالنسبة لوزارة الزراعة ( سلة الشعب الغذائية ) والكهرباء والتجارة والتربية والتعليم وكل الوزارات …
فعندما أصبح الاديب طه حسين مثلا وزيرا للتعليم في مصر ، كانت له رؤية مسبقة بان ( التعليم مثل الماء والهواء ) فكيف له أن يحققها ، وقد حانت الفرصة لتطبيقها .. فجاء بخطة استندت على هذه الرؤية ..
وقس على ذلك الوزارات الاخرى .. فبالنسبة لوزارة الثقافة مثلا هناك من له رؤية ( بأن الثقافة عامة ، وتكون مثل الشمس تشرق وتشع على الناس جميعا نورا ومعرفة ..وعليه لا بد من خطة قصيرة وبعيدة للوزير لتحقيق هذه الرؤية والهدف .. ويأتي بعده من يكملها ..
هذا هو المبدأ العام .. فأين نحن منه..؟..
أن ما يؤلم حقا أن يهين البعض المنصب بالفساد ، أو عندما يستغله لاهداف شخصية ، أو تمتد يده الى المال العام ، أو يجعله مشروعا خاصا له ولكتلته او حزبه مثلا ، في حين وجد لهدف وطني كبير ، وتحقيق رؤية سياسية تخدم الوطن ..
وما يؤلم أكثر أن تصبح كلمة الفساد والحرامي من الكلمات المتداولة ، ترددها الالسن باستمرار، و يصدح بها الاعلام ليل نهار ، حقا او باطلا ، على هذا او ذاك ، أو على مجهول .. بدليل او بدونه ، مما يجعل المنصب في موضع تهمة وشبهة ..
وتلك هي الخطورة.. عندما يشك المواطن بالدولة ، في وقت يفترض أن تكون هي سنده ، وملاذه وحاميه والأمينة على ماله ..
وفي كل الاحوال تنتقص هذه الحالة من قيمة المنصب ، وتخلق حالة من الاحباط عند اصحاب الكفاءة والاختصاص …
والاصلاح يبدأ من الكفاءة … ولن يحقق ما يريد ويسعى اليه إن لم يُعاد الإعتبار لها ، لكي تأخذ حقها في المناصب والوظائف..
{{{{{
كلام مفيد :
قال الله تعالى ( ويل لكل همزة لمزة ) سورة الهمزة 1
فما الفرق بين الهمز واللمز … ؟..
الهمز : بالفعل
اللمز : باللسان
|