إدارة الكهرباء

 

دوائر الكهرباء هي وحدات انتاج في علم الاقتصاد وهذا يعني انها تقوم بتغطية نفقاتها ذاتياً من حصيلة مبيعات ما تنتج. والكل يعلم أن هذا المنتج أصبح بتطور الحياة ضرورة ثابتة ربما تتوافق اهميتها مع الماء والهواء.ومن هنا فان هذا النشاط الاقتصادي يدار في أغلب بلدان العالم من قبل هيئات ومؤسسات وليس من قبل وزارة، وكان العراق احد هذه البلدان حيث كان هيكل ادارة الكهرباء فيه على شكل مؤسسة أو مصلحة أو هيئة، مثله مثل السكك الحديد والبرق والبريد والخطوط الجوية العراقية. وهذا يعني أن ادارة هذه المرافق تقوم على الاسس التي تبعدها عن نمط الادارة الحكومية والبيروقراطية. حيث انها تدار من قبل مجلس ادارة يتشكل من متخصصين ليس في هندسة الكهرباء وحدها وانما في النواحي الاخرى في ادارة هذه المرافق.وعندنا اليوم تدار هذه الصناعة من قبل وزارة، يتشكل هيكلها من مجموعة كبيرة جداً من الحلقات تتمثل في مكتب الوزير ووكلائه ومن عدد كبير من الادارات العامة، وهو ما يمنع أية فكرة من الوصول الى النضوج بعد أن تتيه في هذا الخضم الهائل من المواقع القيادية التي لا تعني شيئاً عدا الدخول في مباراة لفظية تساعدها على البقاء في مواقعها.ومرة أخرى فإن هذا يعني أن كلفة الوحدة الكهربائية المنتجة ستتحمل نفقات حمايات المدراء العامين الذين قد يصل عددهم الى المائة مع المنافع الاخرى. الكهرباء بحاجة الى ادارة أولاً، تمكن العاملين فيه من الاداء الصحيح، إذ يفترض أن من يقوم بالمهام الفنية أن لا يوضع تحت ولاية من لا يفقه ما هو مطلوب منه.ولا نختلف في القول بأن اهمية هذه المرافق توجب على السلطات العامة أن تهيئ لها أسباب الديمومة والتطور، اذا ما أيقنا بأن عنصر الكهرباء له الأولوية بين عناصر تطور الحياة وتقدمها. ولعل من جملة ما يدعونا الى التمسك بوجهات نظرنا هو أن الادارات المختلفة في وزارة الكهرباء لم تصدر توضيحاً واحداً يقنع المختصين أو الناس، يذكر فيه النمط الذي تتبعه الوزارة في ادارة أعمالها. اضافة الى حصر الاموال التي تم تخصيصها وانفاقها خلال عقد من الزمان، تضاربت الارقام المعلنة عنها أن تناولها كل من هب ودب. ومهما كان فان الاموال التي انفقت كانت كبيرة ولم يرافقها غير التشهير الذي ملأ الآفاق وذهب مع الريح.ومرة أخرى لا تخفى حيوية موضوعة الكهرباء والتي كان يجب ان تكون لها الأولوية خاصة في بلدان تنتج الطاقة، ولكن من المؤسف بل المؤلم أن نستمع الى شكاوى الوزارات من بعضها وكل ينحو باللائمة على الآخر في تجهيز الوقود لمحطات الكهرباء والذي صرنا نأتي به من أقاصي الدنيا، بعد أن غفونا على أحلام كانت تراودنا في أن العراق سيصل في يوم ما الى مصدر للمنتجات النفطية وأن يتوقف عن تصدير النفط الخام، بعد أن يتم انشاء المصافي التي تستوعب ما تنتجه آبار النفط يومياً.