منذ إستعار الحرب الطائفية عام 2006 والقتل على الهوية في بغداد تحديداً، وباقي المحافظات العراقية، كان من الطبيعي أن تتولد أحقاد وكراهيات؛ فالأم الثكلى التي فقدت ولدها، والزوجة التي فقدت زودها، والأخ الذي فقد أخاه، والأب الذي فقد إبنه......الخ، يستحيل أن يستطيع نسيان أو يتغاضى عن القاتل؛ وستبقى الأحقاد موروثة إلى يوم يبعثون؛ وهذا واقع لا يستطيع أحدٌ التهرب منه وتحويره. ملايين الضحايا ذهبوا، أثر قتلٍ بدمٍ بارد بطرقٍ مختلفة، سواء بطرقٍ مباشرة أو غير مباشرة، ونجح الإستعمار بتأجيج الفتنة الطائفية وتجنيد آلاف الشباب العاطل عن العمل، والطالب للثأر. فعلياً بدأت الحرب الطائفية في المنطقة عام 1980، حيث نجحت أمريكا بتنجيد بعض الرؤساء الذين نفذوا ما مطلوب منهم، وتم تركيع أجيال عديدة وإبعادهم عن التفكير بـ (الوطنية والإنتماء الوطني) والإهتمام بالإنتماء العِرقي والطائفي أولا؛ وليذهب الوطن إلى الحجيم..! وما قبل ذلك، يتحمل الزعيم عبدالكريم قاسم ومن تلاه مسؤولية ما حصل ويحصل وسيحصل، لأن الجميع لم يكن لديهم سياسة صحيحة، ويجهلون ماهية السياسة؛ وإتبع أغلب الرؤساء الذين قادوا العراق والدول العربية، أجندات خارجية، ومن ساند هؤلاء الرؤساء، خلق ضدهم معارضة كانت تحيك ضدهم المؤامرات! والغاية تنفيذ شعارهم الناجح (فرق تسد)، إن طريقة الحرب بالوكالة، نجح الأمريكان بتنفيذها وحصد ثِمار طيبة منها؛ فبعد تحريك صدام حسين بشن حرباً طاحنة مع إيران دامت ثمانِ سنوات، نجحت أمريكا بخلق عداء وكراهية بين شعوب كثيرة؛ وليس فقط بين العراق وإيران؛ ورسمت إستراتيجية جديدة على نار هادئة، وأكمل صدام حسين السيناريو المرسوم له بدخوله الكويت عام 1990 وبموافقة السفيرة الأمريكية آنذاك أبريل غلاسبي. ربما الأحداث لا تتشابه، لكن الأهداف نفسها؛ إنها الحرب الأمريكية- الشيعية، التي بدأتها أمريكا بعد رحيل محمد رضا بهلوي شاه إيران، وإنتصار الثورة الإسلامية، أيقنت أمريكا وحلفاؤها إن مشروعها في الشرق الأوسط أصبح في خطر؛ فجندت بعض الرؤساء، وأيقن الأمريكان عدم جدوى إستمرار الحرب التي سميت بـقادسية صدام ! ‘حرب الخليج’؛ فإنتهت عام 1988 قررت أمريكا إنهاء خدمة أحد أهم عملائها في العالم، فنصبت لصدام فخاً أوقعته في المحتوم، عندما قرر الدخول إلى الكويت وبدء حرب الخليج الثانية، بعد إستشارة السفيرة الأمريكية آنذاك. كذب الأمريكان كِذبة إمتلاك نظام صدام للسلاح الكيمياوي والبايولوجي، هذه الكذبة التي صدقها السذج وكذبها العُقلاء، لأن هذا النظام لم يكن بإستطاعته إنتاج السلاح النووي أو البايلوجي، بل كان بارعاً بتعذيب شعبه بطريقة بشعة هزت ضمائر الشرفاء. بعد إضعاف نظام صدام، تم إسقاطه فعلاً عام 2003 وبدأ صفحة جديدة، لكن الأمريكان فوجئوا بشيعة أكثر صلابة وقوة وتم رفض الإحتلال الأمريكي للعراق جملةً وتفصيلاً، وتم تهيئة وتدريب عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة الذي هو صنيعة الأمريكان؛ حيث تم إستخدام هذا التنظيم لضرب الإتحاد السوفيتي السابق، إبان الحرب الباردة. هيأ الأمريكان تنظيمات جديدة، أسموها داعش أي ‘الدولة الإسلامية في العراق والشام’، وبتمويل وإدارة المثلث الأمريكي الإرهابي المميز(السعودية- قطر- تركيا). أمرت أمريكا بفتح جبهة جديدة في اليمن، وتشكيل تحالف جديد من العرب السنة، لمقاتلة الشيعة الحوثيين في اليمن بعد إنتصاراتهم الكبيرة التي حققوها على تنظيمات القاعدة، ومن على شاكلتهم؛ ونرى اليوم، إن (حرب اليمن) ماهي إلا حرباً أمريكية بالوكالة، وعلينا هنا القبول بواقعٍ مرير لتستمر الحياة ولتنتهي معاناة الشعوب التي عانت حروباً طاحنة، ولنقبل بمشروع "شرق أوسط جديد" لأن الصبر الأمريكي لن ينفذ..!
|