روسيا :ما بين الطعنة والغدر !

جرحت هيبة روسيا في المنطقة والعالم، فضرب طائرتها السوخوي من قبل الأتراك، جعلت رئيسها فلاديمير بوتين يشعر بأنه قد "طعن من الخلف"!

لكن إنقاذ الطيارين أعاد لموسكو جزء من ماء وجهها، من دون أن "يشفي جرحها" بلا أدنى شك.

تذكرنا جملة "الطعن من الخلف" بجملة سيئ الذكر صدام حسين، التي قالها عام ١٩٩١ :
"لقد غدر الغادرون" فأوحى للكثيرين بأن هناك ثمة إتفاق سري قد تم تقويضه، أو لم يتم الالتزام به. وأعدم الدكتاتور - بعدها بعقد ونيف - من دون أن نعرف السبب الحقيقي لإطلاقه هذه الجملة، هل كانت في سياق "الاسهال اللغوي" الذي صدع به رؤوسنا لأكثر من عقدين، أم أن وراء الجملة ما ورائها!

بوتين "الجريح" أطلق جملته وهو وكل العالم يعرف أن رجب طيب أردوغان ليس حليفاً مؤتمنا على قتال داعش، بل على العكس، فالحديث يجري في كل المنطقة عن دعمه، لا بل وتعاونه مع (الخليفة) أبا بكر البغدادي عسكرياً وإقتصادياً وحتما إستخبارياً، من أجل الضغط على دول الجوار للقبول بدور أكبر " للعثمانيون الجدد" في رسم خرائط جديدة للمنطقة، يكون لتركيا الدور الأبرز في إختيار من يحكم، وكيف يحكم، في هذه البلدان المشتتة بين نفوذ إيران، ونفوذ السعودية، وتدخلات العم سام !

هيبة روسيا قد جرحت، ولن يندمل جرحها من دون أن تعفر رأس أردوغان في الوحل. والأيام القادمة في ظني ستكون حبلى بالمفاجآت، وهي على كل حال لن تكون بالمفاجآت السارة، لا لتركيا ولا لمن يقف خلفها أو بجانبها، فوريثة الاتحاد السوفيتي السابق لن تدير خدها الثاني ليصفعه الامبراطور العثماني، وإنما سترد بلكمة قد لا يتحملها أنف زعيم حزب العدالة والتنمية الذي يبدو أنه يعيش آخر أيام عمره السياسي !

"الطعنة من الخلف" هي في إعتقادي مثل " لقد غدر الغادرون" محض جملة مثيرة للإعلام المتعطش، أطلقت من قائلها تحت تأثير الصدمة لا أكثر.

في أمان الله