الاديب والشاعر والموْرخ الاستاذ عبد الخالق صلال الموح سبق وان رفد المكتبة العربية بعدد من الموْلفات عن الحياة الشعبية في المجتمع العراقي . وقد عالج الامور الملحة في حياة الناس مما لم يسبق ان عولج من قبل اقلام الكتاب او ان هذه الاقلام تترفع عن الخوض في الامور الشعبية ظنا منها ان الادب او الفكر هو ما يوْخذ من بطون الكتب فقط . وهاهو الاستاذ عبد الخالق يتحفنا مره اخرى بفيض من سلسلة ابداعاته . وهو هذه المرة يتحفنا بكتابين رائعين هما ديوان شعر بعنوان (لحن وطن)وذكريات تاريخية وشعبية بعنوان (حكايات ومشاهدات عراقية) عن الحياة التي عاشها الموْلف سواء في الريف العراقي او في المدن العراقية المختلفة من خلال خدمته الوظيفية او من خلال سياساته في العراق والعالم . الاستاذ الموْلف يخلط التاريخ بالادب والحكمة الشعبية بالسيرة الذاتية الامر الذي يجعل من كتابه كتابا يستحق القراءة لما فيه من الطرافة والمعلومات المفيدة والحس الابداعي الذي يلامس الحياة العراقية بما فيها وحاضرها ويستعرض لنا تجربة حياة تستحق القراءة والمتابعة سواء كانت هذه التجربة تخص الموْلف شخصيا او تخص افرادا اخرين من العراقيين في المناطق الحظرية والريفية . ولا ينسى الموْلف ان يقرن كل ذلك بالطرائف الادبية والشعرية والتاريخية وكأنه يربط الحاضر بالماضي ويجعل منهما وحدة واحدة ونسيجا اجتماعيا مستمرا ومتكاملا . ويعرج الموْلف على الاحداث الكبيرة التي مر بها العراق منذ ثورة 14 تموز 1958 والاثار التي ترتبت عليها في الريف او المدينة ويتطرق الى التحولات العميقة التي شملت المجتمع ككل وشكلت مختلف المراحل المترادفة والمتلاحقة واحيانا المتناقضة التي لم يمر بها مجتمع خلال هذه الفترة القصيرة . هذه التحولات التي جعلت من المجتمع العراقي ذا طابع خاص ومتميز واعطته عمقا وصاغت له فلسفة عميقة وشاملة تتضمن مختلف الثقافات والاطياف المتنوعة التي عاشها العراق وابناءه وجعلت من العراق بوتقة صهرت كل الثقافات العالمية وصاغت منها ثقافة عراقية موحده كما جعلته يتميز عن اي مجتمع اخر من المجتمعات ذات الثقافة النمطية والرتيبة والتي لا تتضمن التغييرات الدراماتيكية التي تميز بها المجتمع العراقي . ويختار الموْلف شخصيات شعبية من وسط مجتمعات القرى والمدن ولا سيما مدينة الديوانية التي عرف الموْلف كل طبقاتها وعوائلها خلال اكثر من ستين سنة . لذلك جاء كتابه عن خبرة ومعرفة شاملة سواء بالمجتمع ام بالعوائل ام بالافراد .
|