المَقَامَةُ البَرْلَمَانِيَّةُ

 

 

 

 

 

(1)

لِيْ رَفيقٌ حَنُونٌ شَفِيْقْ. يَزُورُنِي وَفَاءً لِحَقِّ الصَدِيْقْ. هَذَا الأخُ لَطِيْفٌ وَبِالْخَيّرِ خَلِيْقْ. لكِنَّهُ عَصَبيُّ المِزاجِ حَريْقْ. اسمُهُ(مَسّلُوبٌ بِنْ مَنْهُوبٍ). مُواطِنٌ مِنْ أهْلِ العِرَاقْ. بَغْدَادِيُّ الطِّبَاعِ واسِعُ الآفَاقْ. كَدِجْلَةَ والفُرَاتِ فِي العَطاءِ دَفَّاقْ.        

وَذَاتَ مَسَاءٍ كَانَتْ السَمَاءُ تَمْطُرْ. ومَيَازِيْبُ الدّورِ بِالمَاءِ تَهْمُرْ. وأزعَجَنِي بَرْدَ تِلْكَ الليّلَةِ الصُنْبُرْ(1). طُرِقَتْ بَابُ دَارِي بِشِدَّةٍ تَقْهَرْ. رَفَعْتُ أثوَابِي وَعَقَدّْتُهَا عِنْدَ المِئْزَرْ. وَذَهَبْتُ لأفتَحَ البَابَ، فَمِنْ شِدَّةِ الطَّرْقِ تَكَادُ تُكْسَرْ. قُلْتُ: مَنْ للبَابِ طَارِقْ؟. رَجَعَ الجَوَابُ: يَا ابْنَ(سُنْبَهْ)، أنَا الغَارِقْ. وأنْتَ لِفَتْحِ البَابِ عَائِقْ. ألاَ تُسّرِعْ ... ألاَ تَعْجَلْ، فَالرُوحُ مِنّيْ قَدّ تُفَارِقْ.

قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ مَنْ الطّارِقْ ...(مَسّلُوبْ)؟.

لقَدّ جِئْتَ بِوَقْتٍ سُدّتْ فِيْهِ الدُّرُوبْ. واختَفَى مِنَ الأسْوَاقِ الطَالِبُ والمَطْلُوبْ. وسَيّاراتُ الأمَانَةِ استُنْفِرَتْ بِأمّرِ ابْنِ(عَبْعُوبْ). لِتَصّْرِفَ مِيَاهَ الغَيّثِ، مِنْ شِمَالِ بَغدادَ حَتى الجَنُوبْ. قَالَ لِيْ(مَسّلُوبْ): إفْتَحِ البَابَ افْتَحْ ... وَدَعْكَ مِنْ هَذَا المُوَشّحْ.

 

 

(2)

فَتَحْتُ البَابَ وإذَا بـ(مَسّلُوبٍ) أثوابُهُ مِنَ المَاءِ تَقْطُرْ. حَافِي القَدَمَيّنِ وَعِنْ سَاعِدَيّهِ مُشَمِّرْ. بِيَمِيْنِهِ حِذاؤهُ بِالْطِّيْنِ مُطْمَرْ. قَالَ لِيْ: الغَوْثُ الغَوْثُ يَا ابْنَ(سُنْبَهْ). أيّنَ النَارِ لأصْطَلِيْ بِها بُرهَةْ. والَتَقِطُ الأنْفَاسَ بَعْدَ هَذِهِ الوِرْطَةْ. فأدنَيْتُهُ مِنْ مَوْقِدِ النَّارْ. وخَلَعْتُ عَنْهُ تِلْكَ الأطْمَارْ. وأعطيّتُهُ بَعْضَ أثْوَابِي، مِنْهَا الطِوَالُ ومِنْهَا القِصَارْ. وبَعْدَ مَا اسْتَراحَ (مَسّلُوبْ) وَارْتَاحْ. قُلْتُ لَهُ: يَا(مَسّلُوبْ) مَا الأمْرُ اخْبِرْنِي بإفْصَاحْ؟.

قَالَ(مَسّلُوبْ): كُنْتُ فِي مِجْلِسِ النُّوَابْ.

قُلْتُ باسْتِعْجَابٍ واسْتِغْرَابْ: مَاذا تَفعَلْ هُنَاكْ يَا ابْنَ الأحْبَابْ!؟. فَمَجْلِسُ النُّوَابِ لاَ يَدْخُلُهُ إلاّ عَوَالِيْ الجَنَابْ!!. وَمَنْ لَهُ صِلَةٌ بِالأَحْزَابْ!!. ومَنْ صَوَّتَ لَهُ الشِّيْبُ والشَّبَابْ!!.

(3)

قَالَ(مَسّلُوبْ): أنْتَ تَعْلَمُ يَا ابنَ(سُنْبَهْ). أنّي أبْحَثُ عَنْ وَظِيْفَةْ. بِرزقِهَا أعِيْشُ عِيْشَةً شَرِيْفَةْ. وَمِنْ رَيّعِهِا أُدَواي زَوْجَتِي الضَعِيْفَةْ. وَمَا يَفْضَلُ مِنْ مَالٍ، أرَمِّمُ بِهِ سَقْفَ وَجُدْرَانَ حُجْرَتِي الرَّهِيْفَةْ. قَبْلَ أنْ يَخُرَّ السَقْفُ، وَنَصْبَحُ أخْبَاراً فِي صَحِيْفَةْ. أو مَشْهَداً فِي تِلْفَازٍ، يُبَثُ عَلَى الخَلِيْقَةْ. فَقَرَرّتُ أنْ أذهَبَ إلى مَجْلِسِ النُّوَابْ. لأشْتَكِي عِنْدَ مُرَشّحِ مَنْطِقَتِنَا المُهَابْ. وأشْرَحَ لَهُ سُوْءَ حَالِ الشَبَابْ. وأنّ لِمُعانَاةِ الكِبَارِ وَالصِغَارِ أسْبْابْ. فَبِالتَأكِيْدِ سَيَهِبُّ لِنُصْرَتِنَا، فَذَا أمْرٌ لا يُسْتَرابْ. وَبَالتَأكِيْدِ سَأسْمَعُ مِنْهُ صِدْقَ الجَوَابْ.

كما أستَعْجِلُهُ عَلى تَصْدِيقِ المُوازَنَةْ. فهذا أَمْرٌ مِنْ صَمِيْمِ المُوَاطَنَةْ. وأُخْبِرُهُ بِسُوءِ عَاقِبَةِ التَأخِيرِ والمُمَاطَلَةْ. فَأقُولُ لَهُ: إنَّ الفُقَرَاءَ يَرْجُونَ مِنْكُمْ كُلُّ مُعَاوَنَةْ. وَأَنْتُمْ لاهُوْنَ عَنْهُمْ بالْمُمَاحَكَةِ وَالمُسَاوَمَةْ.    

 

(4)

قُلْتُ:(يَا ابْنَ مَنْهُوبْ)، صاحِبُكَ كَمَا وَصَفْتَ، وَطَنِيٌّ بَطَلْ. فَبِهِ تُعْقَدُ مَعَاقِدُ الأمَلْ. لِلأَسَفِ أنَا انْتَخَبْتُ شَخْصاً غِرِّيْدّ. يأكُلُ الحَرَامَ كَمْا يَأكُلُ الثَرِيْدّ. فَهْوَ كَجَهَنَمَ يُقَالُ لَهَا: هَلْ امْتَلَأتِ..؟. تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيْدّ؟. لا يُلَبِي طَلَبَاتِنَا وَلا لِخَيّرِنَا يُرِيْدّ. إنَّهُ لا يَخَافُ الرَّبّ الحَمِيْدّ. لأنّهُ جَبَارٌ عَنِيْدّ.  

 (5)

ثُمَّ قُلْتُ: هَاتْ... مَاذا بَعْدُ يَا(مَسّلُوبْ)؟. لقَدّ صَدَّعْتَنِي فَأخَذْتُ أرَى بِالْمَقْلُوبْ. قَالَ(مَسّلُوبٌ بِنْ مَنْهُوبٍ): فَبَكّرْتُ مُصّبِحاً معَ مَا بِيَ مِنْ وَهَنٍ وَعَنَاءْ. وَيَمَّمْتُ وَجْهِي صَوّبَ المَنْطِقَةِ الخَضْرَاءْ. وَلَمّا وَصَلْتُ أسْوَارَهَا العَلْيَاءْ. قَالَ لِي أحَدُ الحُرّاسِ بِجَفَاءْ: إبْتَعِدْ عَنْ هَذا الفَنَاءْ. فَمَمْنُوْعٌ هَا هُنَا البَقَاءْ.

قُلْتُ لِلحَارِسِ يَا أخِي: أنَا(مَسّلُوبٌ بِنْ مَنْهُوبٍ العِرَاقِي). جِئْتُ لأُقابِلَ الّذِي يُدَافِعُ عَنْ حَقّي. وَبَمَجْلِسِ النّوَابِ لِكَلِمَاتِهِ يُلْقِي. يَذُودُ عَنْ مَظَالِمِ الفُقَرْاءْ. وَ يُنَاجِذُ عَنْ ضَيّمِ الضُعَفَاءْ. وَ أَوَدُّ أنْ أُطْلِعَهُ عَلى مَا بِنَا مِنْ ضَرّاءْ.

فَقَالَ الحَارِسُ يَا(مَسّلُوبْ): إدْخُلُوهَا بِسَلامِ آمِنِيْنْ. وَلا تَنْسِوا ذِكْرَنَا عِنْدَ رَبِّ العَالَمِيْنْ. خُذّ الطَرِيْقَ وَلا تَمِلْ ذَاتَ الشِمَالِ أو اليَمِيْنْ. وَسَتَصِلُ إلى مَكْتَبِ نَائِبِكَ الأميْنْ.

(6)

أدْلَفْتُ مُسّرِعاً فِي شَارِعٍ كَقِطْعَةٍ فِي النَّعِيْمْ. عِطْرُ الأزاهِيرِ مِنْها يَفُوحُ مَعَ النَّسِيْمْ. وَشَقَائِقُ الوَرْدِ تُسْقَى بمَاءِ تَسْنِيْمْ. وَالزُرّاعُ يُشَذِّبُونَ الأشْجَارَ بِأحْسَنِ تَنْظِيْمْ. وَعُمّالُ النَّظَافَةِ فِي شُغُلٍ مستَمِرٍّ مُسْتَدِيْمْ.

وَلَمّا اقْتَرَبْتُ مِنْ مَكْتَبِ النّائِبْ. أرْشَدَنِيْ شَخْصٌ كَانَ يُرَاقِبْ. قَالَ لِيْ: أُدْخُلْ إلى مَكْتَبِ السِتِّ كَواكِبْ. إنّها(سِكْرِتَيْرَةُ) السَيِّدِ النّائِبْ. وَمِنّهَا أُطْلُبْ الإذْنَ لِمَا أَنْتَ بِهِ رَاغِبْ. وَلا تَنْسَانَا مِنَ الدُّعَاءِ وَأَنْتَ لِصَلاَتِكَ تُوَاضِبْ. قُلْتُ: سَأدْعُو لَكَ عُقَيّبَ صَلوَاتِ المَغَارِبْ. وَعِنْدَمَا أكُوْنُ مَاشِيَاً وَرَاكِبْ.

(7)

فَدَخَلْتُ يَا(ابْنَ سُنْبَهْ) مَكْتَبَ السِتِّ(السِكْرِتَيْرَةْ). تَعَجَبْتُ ... يَا لِلْجَمَالِ يَا لِلْدَلاَلِ هَذِهِ أمِيْرَةْ. فَاتِنَةٌ سَاحِرَةٌ مُثِيْرَةْ. لَوْ رَأهَا حِمَارُ عُزَيّرٍ، لَنَسَيَ بِرْسِيْمَهُ وَشَعِيْرَهْ. وتَرَكَ مَكَانَ نَوْمِهِ فَي الحَضِيْرَةْ. وَصَارَتْ رُوُحُهُ مِنَ الوَجْدِ بِأشَدِّ حِيْرَةْ.

قُلْتُ لَهُ بِانْزِعَاجٍ شَدِيْدٍ: أكْمِلْ يَا(مَسّلُوبْ). وَدَعْكَ مِنْ ذِكْرِ الحِمَارِ والشَعِيْرْ. وَاخْبِرْنَا كَيّفَ ءَآلَ المَصِيْرْ؟.   

قَالَ(مَسّلُوبْ): قُلْتُ لِلْسِتِّ كَوَاكِبَ، بِصَوّتٍ وَاطِئ الأزِيْزْ. جِئْتُ أرْجُوْ لِقَاءَ نَائِبِي العَزِيْزْ. إنّهُ أثْمَنُ عِنْدِي مِنَ الإبْرِيْزْ(2). قَالَتْ: انْتَظِرْ انْتِظَاراً وَجِيْزْ. وَسَتَدْخُلُ عَلَى الأسْتَاذِ المُسّتَمِيْزْ. وَبَعْدَ هُنَيّهَةٍ مِنَ الوَقْتِ الثَقِيْلْ. أشَارَتْ السِكْرِتَيْرَةُ بِكَفِّهَا الجَمِيْلْ. وَمَالَتْ بِخِصْرِهَا النَحِيْلْ. وتَبَسَمَتْ بِثَغْرٍ سُبْحَانَ الجَلِيْلْ!. وَقَالَتْ: أدْخُلْ وَبِجِلُوُسِكَ لاَ تُطِيْلْ.

(8)

دَخَلْتُ عَلَى النّائِبِ بِلَهْفَةِ المَشْغُوُفْ. وَمِنَ الشَّوْقِ احْتَضَنْتُهُ احْتِضَانَ مَكْفُوفْ. فَهُوَ كَانَ صَاحِبْي، وَ مِثْلِي بِحُبِّ العِرَاقِ مَشْغُوْفْ.

قَالَ: مَا الخَبَرْ يَا(مَسّلُوبْ) أراكَ جِدُّ مَلْهُوفْ؟.

قُلْتُ: نَعَمْ يَا نَائِبَنَا، لَقَدْ أعْيَتْنِيْ وَأَصْحَابِي الظُرُوفْ. عَاطِلِيْنَ لَيْسَ لَنَا سِوَى الشَوَارِعَ بِهَا نَطُوفْ. فِي كُلِّ عَامٍ، نَطْبَخُ مُضْغَةً مِنْ لَحْمِ خَرُوفْ. زَوْجَتِي مُصَابَةٌ بِمرضٍ يُودِي لِلْحُتُوفْ. وَدارِي تَدَاعَتْ جُدْرَانُها وَالسُّقُوفْ. وَمِنَ الْفَقْرِ بِعْتُ آثَاثَ بَيّتِي وَالرُفُوفْ. وَذَكَرْتُ لَهُ كُلَّ خَافٍ وَمَعْرُوفْ. وقلتُ لهُ: جِئْتُكَ لِتُخِيْطَ لَنَا الْشَقَّ وَتَرُوفْ.

قَالَ يَا(مَسّلُوبْ): لَقَدّ جِئْتَنَا بِوَقْتٍ لاَ يُسَاعِدُ وَلاَ يُعِيْنْ. فَأَنَا غَداً سَأُسَافِرُ إلى حِيْنْ. سَأُجْرِي جِرَاحَةً فِي مَصَحّاتِ (بَرلِيْنْ). أُجَمِّلُ وَجْهِي مِنَ الذِّقْنِ إلى الصَّدْغَيّنْ. والشَحْمُ مِنْ كِرْشِي يُزالُ فَقَدّ أصْبَحْتُ بَطِيْنْ. وَ أُرَشِّقُ مُؤَخِرَتِي، فَمَنْظَرُهَا قَدّ بَاتَ مُهِيْنْ. وَسَيُزْرَعُ الشَعْرُ في رَأسِي، فَالصَّلَعُ مَنْظَرُه مُشِيْنْ. وَأُقُوِّمُ أسْنَانِي وَأُبَيِّضُهَا، لِتَكُوْنَ كَاللُّجَيّنْ(2). فَيَا صَاحِبِي أُرِيدُ مَنْظَرِي، أنْ يَمْلأَ العَيّنْ. لأكْبَرَ بِعِيُونِ النَّاسِ أجْمَعِيْنْ. وَأَكُونُ مَحَطَّ أَنْظَارِ المُشَاهِدِيْنْ. حَتّى أُأَثّرَ فِي نُفُوسِ الحَاضِرِيْنْ. وأحْظَى بِاحْتِرَامِ المُسْتَمِعِيْنْ. فَيَا صَاحِبِي، مُهِمَتِيْ صَعْبَةٌ تَقّطَعُ الوَتِيْنْ(3). فَأنَا أُدَافِعُ عَنِ الحَقِّ المُبِيْنْ. وَأُطَالِبُ بِحُقُوقِ المُسّتَضْعَفِيْنْ. وَأُطَالِبُ بِإِنْعَاشِ المَسَاكِيْنْ.

وَهَذَا جُهْدٌ يَحْتَاجُ لأنَاقَةٍ تُعِيْنْ. فَادْعُوا لَنَا رَبَّكَّ بِالسَلامَةِ وَقُلْ: آمّيْنْ. فَرَدَّدْتُ آمّيْنْ ... آمّيْنْ. وَأضَافَ بِقُوّلٍ مُبِيْنْ. لِيَحْفَظَ اللهُ للعراقِ أمْثَالَنَا المُخْلِصِيْنْ. وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ شُرُورَ الحَاسِدِيْنْ. وَيِحْمِيْهِمْ مِنْ مَكَائِدِ الظّالِمِيْنْ ... آمّيْنُ يا رَبَّ آميّنْ.

(9)

قُلْتُ لَهُ والغَضَبُ في قلبي سُهَامْ(4): يَا (ابْنَ مَنْهُوبْ)، مَاذَا فَعَلْتَ لَمّا سَمِعْتَ هَذَا الكَلاَمْ؟. أَلاَ تُحِسُّ بِهِ لَكَ اسْتِعْجَامْ(5)؟. فَلَوْ قِيلَ للبَهَائِمِ والهَوَامْ. لَهَبّتْ لِرَبِّهَا تَسْتَجِيْرْ بِاسْتِهْضَامْ.    

قَالَ(مَسّلُوبُ بِنْ مَنْهُوبٍ): يَا ابْنَ(سُنْبَهْ) وَهَلّ فِي ذَلِكَ اسْتِفْهَامْ؟. لَقَدّ شَعَرْتُ بِأنِي بَغْلٌ بِلِجَامْ. وَفِي حِيْنِهَا صَارَتْ الدُّنْيَا بِعَيّنِي ظَلاَمْ. وَزَاغَ البَصَرُ وَفَقَدّتُ الزِمَامْ. وَصَرَخْتُ بِصَوّتِ مِقْدَامٍ هُمَامْ: أَمِنَ العَدْلِ يَا سَادَةُ يَاكِرَامْ. زَوْجَتِي تَذُوقُ المَوّتَ الزُئَامْ. وَأَنْتَ تُجَمِلُ الشَكْلَ والهِنْدَامْ؟. وتَرْفَعُ الشَحْمَ مِنَ الخَلْفِ والأَمَامْ؟. أَمْوالُ الشَّعْبِ تُبَذِرُونَها عَلى الدَّوَامْ؟. أمَا لَكُمْ ضَمَائِرُ، أمَا لَكُمْ ذِمَامْ؟. ألا تَرِقّونَ لأَحْوَالِ الضِّعَافِ والأَيّتَامْ؟. لَقَدّ صَارَتْ الأزْبَالُ لِبَعْضِ الفُقَرَاءِ طَعَامْ. يَا رَبِّ لا أَعْجَبُ مِنْ هَؤُلاءِ الطُغَامْ، لَكِنْ عَجَبِي مِنْ حِلْمِكَ المُسْتَدَامْ.

وَأَرْدَفْتُ الْقَوّلَ لِلنَائِبِ الْذِي بِالْسُحْتِ رَاتِعْ: تَبّاً لَكُمْ يَا أَهْلَ المَطَامِعْ. وَصَدَقَ صَاحِبُ القَوّلَ الوَاقِعْ:

سَلّ الخَيّرَ أهْلَ الخَيّرِ إنْ كُنْتَ سَائِلاً      وَلاَ تَسْأَلْ المَعْرُوفَ مــِنْ مُحـْدِثَ المَالِ

 فــــَـإِنَّ اليــَــَد الـجــــَوّعــَــاءَ تـَبْخَـــلُ بِـالـــْـــــذِي       أصَابَتْهُ مِنْ خَيّرٍ عَلَى الكَاسِفِ البَالِي

__________________________________

(1) شديدة البرد. (2) الفضّة (3) نياط القلب. (4) وهج الحرارة. (5) العجماوات: الحيوانات. 

 

محمّد جواد سُنبه                                                                          

كاتب و باحث عراقي