نهض الميت وماتوا الجنازة(الدفانة)

 

العراق بلاد ما بين النهريين بلد العجائب والغرائب عبر التاريخ فالأساطير  ابتدأت من اهوار العراق بحثا عن الخلود  والهروب من الموت عبر ملحمة كلكاميش ومعركة انيكدوا ضد خمبابا والكلمة الأولى للأديان ابتدأت من أور عبر نبينا إبراهيم  صلوات الله عليه وعلى اله الأطهار واللحن الأول للحزن ابتدأ سومريا عبر القيثارة التي تعيش الغربة الان ومن هنا بدا الطوفان من كوفان و في كوفان ستنتهي قصة

العذابات  الإنسانية.

موضوعنا اليوم يعتبر من العجائب ولا يصدقه القاري أو المستمع وهو يقع ضمن سلسلة (unbelievable) القصص الغير قابلة للتصديق ولكنها قصة حقيقية وشهودها إحياء وإحداثها قريبة  لا يتعدى تاريخها أكثر من ثلاث سنوات  .

 في لحظة فجائية توفي احد الأشخاص في منطقة البلديات في بغداد وهو كبير فخذ (إحدى التشكيلات القبائلية العراقية) وقد اخذ على عجل بعراضة (حفلة جنائزية عراقية تصاحب المتوفى بالهوسات والقصائد الشعرية التمجيدية وقد ترافقها بعض الأحيان رمي الاطلاقات النارية بكثافة) مهيبة وكبيرة انقطعت لها الطرقات قرب مستشفى الكندي مما منح شهادة وفاة بدون تأخير وليس كحال الفقراء يبقون ينتظرون منحهم شهادة الوفاة حسب مزاجية طبيب الوفيات وتفسيراته .هكذا هو حال العراقي صعوبة في حصوله على بيان الولادة وشهادة الوفاة جدلية الروتين المرافق حتى للاموات.

المهم في قضيتنا بعد انتهاء الردح الجنائزي  والإشعار والصفات التي ما انزل بها الله من تبيان اتفق الجنائزيون (الجنازة بالعراقي الجلفي أو الدفانة حسب اللسان ألفراتي ألنجفي الذين يرافقون المتوفى إلى مرقده الأخير (القبر) وأغلبيتنا مرقدنا الأخير في النجف وما أكبرها النجف ومقبرتها  دار السلام  بحثا عن الجيرة والاستجارة من عذابات القبر والآخرة  وكم لها إن تستوعب كل إسلافنا عبر التاريخ  والله يعين ذو الجوار على تحمل مصائبنا وبلاوينا .

و المهم إن الجنائزيون   استقلوا ثلاثة من الكيات ماركة الفارة (إي حلوة الفارة نودينا (تأخذنا) للقبر وبالقبر يمكن تأكلنا الجريذية ) وهي كيا متخصصة في العقد الأخير بنقل الجنائز لسرعتها واستيعابها المريح لجنائزيون يملكهم الحزن لفقدان احد أحبتهم اثنان خصصت للرجال وواحدة خصصت للنساء  وفي الطريق إلى النجف حصل ما لا يتوقعه البال  اصطدمت سيارة الجنازة بعجلة من الطريق المقابل يركبها شخصان  مما أدى إلى كارثة حقيقية انقلبت السيارة وطارت الجنازة في الهواء وبعد الذهول   تبين إن جميع الجنائزيون الثلاثة عشر برمتهم  مع السائق قد أصبحوا شذرا مذرا   وفارقوا الحياة .......................................................................

ولكن المفاجاءة الغير متوقعة على الإطلاق والغير قابلة للتصديق  هي نهوض المتوفى حيا  مذهولا ويقول ماذا حدث خير شكو  ما كو يا جماعة الخبر .....شنهي السالفة.........

وعبر الشارع هلهلت زوجته  فرحة وهي ترجل الشعر......

إسماعيل نبي  والله سبحانه اللي فداه بكبش

وأنت شيخ الحمايل المهيوب فديناك بطلتعش

عمرك طويل حبيب الروح إلا أزوجك بنت سطعش

بس تعيش وتبقى إليه

أنها النفس الإنسانية  التي في لحظة تنسى الآخرين في السلامة  من الحادثة وكما قيل مصائب قوم عند قوم فؤائد أنها تناست في لحظة الذهول كيف كان الآخرين يشاركون حزنها في زوجها وقد تركوا إعمالهم وإشغالهم للذهاب في الجنازة  وهكذا هي الحياة........

هاي السالفة ذكرتني بما نعيشه اليوم من إحداث سياسية مشابه لها في الواقع مع اختلاف الشخوص منذ بداية تشكيل حكومة الشراكة الوطنية كان هنالك دور خفي مرسوم لتعطيلها وتقيدها بمختلف الصور  وقد حاولوا سحب الثقة من الحكومة ودفنها في طريق طويل من الخطط والحركات ولكن جاء الأمر على عكس ما يشتهون  فقد انسحب الوزراء الذين كانوا يحاولون  إن يكونوا جنائزيون بامتياز  واستمرت الحكومة بإعمالها ولكن لكل عمل فصل (دية عشائرية) ولكن كانت الدية هذه المرة كبيرة ولعبها الجنائزيون الذين  لازالوا على قيد الحياة بحرفية فنية وتاريخية عجيبة ونبقى نقول والله الدنيا عجيبة....... الميت يكعد ويموتون الجنازة..................

الدكتور رافد علاء الخزاعي