1-من حيث الإشتقاق اللغوي الليبرالية لفظ لاتيني(ليبراليس) الذي يعني((الرجل النبيل الحر)) ومن بين هذة الدلالات الإشتقاقية التي يحملها اللفظ نجد أن ((الشخص الحر)) هو المعنى الي سيكون مرتكز البناء الدلالي للمفهوم لاحقا.
2-تاريخيا نلاحظ أنه حتى نهاية القرن18 لم يكن لفظ اليبرالية متداولا بل كانت الكلمة الشائعة هي((ليبرال Liberal)) التي عني بها وقتئذ ((الشخص المتحرر فكريا)).
3-الليبرالية هي مذهب فلسفي/سياسي ونسق مجتمعي لها شرط نشأة وسياق صيرورة وتطور.
4-الشرط التأريخي لنشأة الليبرالية هو ((التصنيع)) والتصنيع يحتاج الى أن يتحول العبيد في النظام الإقطاعي الى عمال في النظام البورجوازي.
5-يحتاج التصنيع الى أمرين أساسيين، فضلاً عن الرأسمال الذي كان متوفراً بفعل الحركة التجارية هما: المعادن, و القوة البشرية.
أما من حيث المعادن فقد تكفلت الكشوفات الجغرافية بفتح الطريق أمام أكبر حركة نهب شهدتها الإنسانية! لكن من حيث القوة البشرية العاملة، فقد كان ثمة مانع ثقافي ومجتمعي يعوق توفرها، وهو النظام الإقطاعي الذي كانت فيه القوة البشرية العاملة في الحقل، قوة أقنان مشدودة إلى الأرض تعيش بين سياجاتها، تعمل فيها وتدفن في داخلها، بمعنى أن النظام الإقطاعي الأوروبي كان عائقاً يعترض حراك القوة البشرية وانتقالها من (الحقل / القرية) إلى (المصنع / المدينة) فكان لا بد من تفكيكه بنقض نظام القنانة/ العبودية وتحرير العبد ليتمكن من الانتقال إلى المدينة ليصبح عاملا في مصنع.
6-وهنا كان لابد للفكر من توظيف "المثال" ليجري اجتذاب الوعي والفعل ليكسر نظام لحظته فينتقل إلى نظام بديل. وكان المثال هو الحرية التي سيجري تقديمها بمدلول خاص، يتناسب مع الظرف التاريخي والحاجة المجتمعية الوليدة. فولدت مقولة الحرية بمدلولها الليبرالي بوصفها تحريرا للقن (العبد)، ليتحول إلى عامل.
7-وهذا هو الشرط الثقافي لنشأة الليبرالية والذي يتمثل في صيرورة الفكر الفلسفي وإنتقاله الى التفكير في مثال الحرية من مدخل سياسي ليخلص الى إنتاج نظرية العقد الإجتماعي.
8-فالليبرالية من الناحية الفكرية تعني "حرية" الاعتقاد والتفكير والتعبير. ومن الناحية الاقتصادية تعني "حرية" الملكية الشخصية، و "حرية" الفعل الاقتصادي المنتظم وفق قانون السوق. وعلى المستوى السياسي تعني "حرية" التجمع وتأسيس الاحزاب واختيار السلطة وهنا تلتقي بالديموقراطية لتكون الديموقراطية الليبرالية.