مال الغمان اكله ابراحه

لم اتماسك نفسي من البكاء والضحك معا، معصوم اللامعصوم رئيس جمهورية العراق، يلقي خطابه في قمة المناخ العالمية في باريس، في قاعة منعزلة، ويصطحب معه في الوفد 86 مستشارا وموظفا عالة على ميزانية الدولة، وابنة الرئيس ومستشارته جوان تجلس بقربه، وهي تصرخ ما اعوف بابا، فيضطر وزير الخارجية التحفة ان يركب بجانب السائق، مهزلة كبرى حين تدخل سيارة الوفد العراقي وهي لاتحمل العلم العراقي، ولم يحرقه احد، ومهزلة اكبر، حين يقتطع العبادي مرتبات الدرجات الخامسة والسادسة، ومعصوم ينزل في فندق قطري ثلاث ليال بربع مليون يورو، والمهزلة الاكبر، حين يظهر شمشون الجبار يزور الحسين، وهو يحكم بحكم اشد وطأة وخرابا من حكم يزيد بن معاوية.

كان يجلس بجانب الشيخ الثري، الشيخ يتناول اطيب المشروبات ويسرف، وكان يضطهد ابناء عمومته حتى وصل الامر ان من يهرب من القرية يعاقب، في حين ان اصوات الغجريات لايتوقف حتى اذان الفجر، قرية منكوبة بالجوع والفقر، حتى ان الملابس الداخلية كانت حلما للاطفال والنساء والرجال، سأله شيخنا، اولاد عمك هذوله هم دير بالك عليهم، فرد عليه: هذوله غمان، ومال الغمان اكله ابراحه، وقهقه عاليا والغجرية الجميلة تداعب عقاله باستخفاف، والعراقيون غمان، وهذه معروفة منذ الزمن الماضي، ولولا انهم غمان لماسمحوا لاميركا بالقدوم، وزاد في انهم غمان، حين سمحوا لهؤلاء الرقعاء تقرير مصيرهم.

اتمنى على مسعود ومعصوم وجوان، ان يرددوا حين يجمعون الاموال في البنوك الخارجية، وحين يشترون الفلل، وحين يتمتعون بطيب الطعام: ( مال الغمّان اكله براحه)، منذ الحسين والشعب العراقي الكوفي والبصري يجلد ذاته، ويبكي على خطأ تاريخي، لكنه لم يتقدم خطوة واحدة باتجاه بناء بلده، حتى حدى بايران ان تبعث بلدية طهران لتنظيف كربلاء، وهذا امر لايقل عن عار زيارة معصوم لباريس، منذ الحسين وشخصية العراقي منقسمة على نفسها، فهو حسيني في موقف، ويمثل يزيد في موقف آخر، يزور الاربعين ويتختم باليمين، ويأكل البقلاوه والدهين ، ولكنه لايتورع عن ارتكاب فضائح وسرقات كبيرة من اموال الدولة وسواها.

حتى انك في بعض الاحيان تشك بانتمائك وجذورك لهذه الشجرة المتهالكة، هل من المعقول ان يكون حمورابي غبيا الى هذا الحد فيضع القوانين لجذور غبية انتجت

هذا الكم الهائل من الغباء والرعونية، وهل من الممكن ان يبقى شعب بهذه البنية الهزيلة صامدا لآلاف السنين، اكثر شعب في العالم تعرض لويلات الاحتلال، واكثر شعب في العالم تعرض للتشرذم والاختلاف، ويفرح ويأتي بقول للرسول: اختلاف امتي رحمة، اية رحمة التي جعلت من الوطن مسرحا للنفايات والهزال، الشيعة يبكون ويلطمون، والسنة يحكمون ويريدون السلطة باي ثمن، والكرد حائرون بين امرين: هل هم كرد فقط؟، ام انهم كرد وعراقيون؟، يوميا يهزون انفسهم ويطالبون بدولة الله ومسعود الموعودة في الكتب السماوية والارضية.

وهاهو الكردي العريق يفضح العراق في محفل دولي كبير، ولايتورع عن تبذير اموال هذا البلد الذي تتنازعه الاهواء، ورئيس الوزراء يطلب الشعبية، كان من المفترض من الناس المتجمهرة امام الحسين ان تفعل شيئا آخر بدل التجمهر حولك، مثلا يضعونك في اول قدر هريسة يصادفهم، فانت لاتقل عن اي احد اهمل واجبه، وراح يحاسب الفقراء عما جنى الاغنياء، سانتظر شهرا، وان لم يسترد المبلغ الذي اقتطع من راتبي الدرجة الخامسة، واضطررت الى اقتراض مبلغ بدلا عنه، ساسميك اسماء مختلفة، لتعلم ان سلمك السيىء الصيت والذي صار سيفا على الموظفين الصغار لن يأتي بعصا موسى التي تريد امتلاكها، اللصوص قريبون منك، ويوميا يأكلون ويرددون: مال الغمان اكله ابراحه.