العبادي يقول ان القوات العراقية كافية لمقاتلة داعش، رداً على مقترح لعضوين من مجلس الشيوخ الأمريكي بتشكيل قوة مسلحة من مائة الف مقاتل أغلبهم ينتمون الى دول اقليمية سنية، وزيادة عدد المستشارين العسكريين الامريكيين الى عشرة الاف. مقترحات السيناتورات الامريكية، وإن كانت لا تمثل الرؤية الرسمية، إلا أنها خيار قد يطرح للنقاش داخل الأوساط الأمريكية. وفي المقابل إن رد العبادي عليها لا يعدو أكثر من كونه تصريحات. فالإرادة الامريكية في الحرب ضد داعش الأكثر تأثيراً في المنطقة، والقرارات غالبا ما تجد طريقها للتنفيذ، وإن نافستها الإرادتين الروسية والإيرانية راهناً. ولهذا إن التصريح لا يمثل سوى تسويق إعلامي موجه للجماعات الرافضة للوجود الأمريكي، وعلى رأسها تلك المرتبط بإيران. صحيح أن هناك قوات كافية، فيما لو ضمت اليها حشد العشائر وتم تجنيد المزيد من ابناء المحافظات المحتلة من قبل داعش، وصحيح أن هذه القوات تبلي بلاء حسناً وتتقدم على الأرض في الانبار وشمال صلاح الدين وفي سهل نينوى، لكن الصحيح كذلك أن كل هذا لا يحصل دون مساعدة أمريكية فعلية، تتمثل في الرمادي بتدريب القوات والتسليح، وفي عموم المناطق بالمساعدة الجوية المؤثرة. المشكلة أن عدم واقعية المعلن في السياسة العراقية، حتى وإن كان للتسويق، يغذي عدم الثقة بالقرار الرسمي العراقي. وهذا ما يسود المشهد العراقي، فمركز القرار في بغداد لم يعد في الدوائر الرسمية، انما في الدوائر غير الرسمية التي تمثل أذرع مكونات العملية السياسية، وتحديدا ثنائية (حشد ـ بيشمركه). فالدور الحكومي بات محدوداً بشكل غير مسبوق، ويعزز هذا التراجع أنه أصبح أكثر نفاقاً من الدور الآخر. العبادي يدرك جيداً ان أي مقترح أمريكي لابد أن يناقش للقيام بصفقة، لا أن يقدم على إطلاق تصريحات في العلن تتناقض مع السر. لأن هذا يزيد من غياب الفاعلية الحكومية، حتى على مستوى التفاهم مع دول العالم، وإرسال رسائل تطمين بأن لدى الحكومة شيئا تقوم به. مثلا، ان القوات كافية، لكن المطلوب الحوار على وجود مساعدين، تقديم رؤية حقيقية، وليس الاكتفاء بدور المشاهد لما سيحدث حتى لو رفضت العراق. وبحسب المعطيات الموجودة على الأرض، فإن الحرب وإن ظهرت بتقدم لصالح أعداء داعش، لكن التنظيم الارهابي يعمل على العودة للتمركزً في المناطق الخاضعة لسيطرته، ويكاد ينجح لولا وجود الضربات الجوية الغربية والروسية. لذلك من المهم التفاهم مع الدول التي تضمن ان لا تعود داعش لتمركزها. وبعد التصويت البريطاني على المشاركة، بات واضحاً أن ليس بإمكان أحد ان يقول لا للدور الغربي. لذا المطلوب قول نعم ضمن صفقة. خصوصا وإن الحرب على الإرهاب، ليست عراقية ـ سورية، بل أصبحت ضمن مجال الضرورات الأوروبية الروسية. وهذا يفترض أن يكون لدى العراق دور، ليس عبر التصريحات النافية او المكابرة او التسويقية، بل عبر الإقدام الفعلي على خطوات عملية واضحة وعارفة لما تريد. الترتيبات بحاجة الى شجاعة، الى خطوات تاريخية تجتاز عقبة السلوك التقليدي القائم على الازدواجية بين ما هو مصرح به وما هو موجود.
|