في بداية الثمانينات، ومن بداية عهد الدكتاتور صدام حسين، ومع بداية حرب الثماني سنوات، ابتدأ عهد ارتداء الرجال للملابس السوداء بشكل واسع حزناً على شهداء ما سمي بـ(قادسية صدام المجيدة)!. كان العراقي يرى أن لبس السواد هو عادة نسائية لا تليق كثيرا بالرجال، لكن مع كثرة الموت وهبوط الذوق العام في عموم العراق، وتسيّد كل ما هو شعبي على رقي المدن وأهمها بغداد - وهذا كله من إفرازات الحروب بلا شك -تغيرت هذه (التقاليد) واستبدل الرجال اربطة العنق السوادء، او القمصان السوداء، بارتداء ملابس سوداء بالكامل. أما من يرتدون الزي العربي فقد انتشرت بينهم الدشاديش السوداء، حتى أصبحت في العديد من المناطق - في الوسط والجنوب خاصة - نوعا من التقاليد التي يُنتقد من يخالفها! تفاجأت - شأن غيري - بالملابس التي ظهر فيها السيد حيدر العبادي أثناء مشاركته في مراسيم الزيارة الاربعينية، ليس لأنه ارتدى السواد طبعاً، فارتداء السواد حزنا على الامام الحسين (ع) عادة عراقية غير منتقدة كثيراً، لكن نوعية الملابس التي ارتداها هي المنتقدة في نظري. فالرجل بغدادي، والبغداديون وخاصة كبار الموظفين في الدولة، وأبناء المناطق العريقة المتحدرين من الطبقة الوسطى لهم طريقة خاصة في ارتداء السواد المعبر عن الحزن. فربطة العنق السوداء هي الأكثر لياقة بشخصية عامة ومهمة مثل السيد العبادي، الذي بدا بالدشداشة واليشماغ والعرگچين متملقاً (للنفس) العراقي الشعبي، أكثر منه مشاركاً في الحزن الحسيني السنوي. كما أن الزي الذين كان يرتديه - وخاصة العرگچين الأسود - متداول بشكل محدود لدى أصحاب المواكب الحسينية، وليس زياً شعبياً منتشراً. والأهم أنه أعطى مؤشراً على أننا أمام رجل يستخدم ذات الأدوات التي لطالما استخدمها نظراؤه من قبل، من أجل استمالة بسطاء الناس انتخابياً. في أمان الله
|