الخطر يحوم حول اطباء العراق !!



العراق تايمز: مصطفى سعدون

في مستشفى "الشهيد الصدر"، شرق العاصمة بغداد، كان الطبيب المقيم يفحص ضغط الدم لمريضة تعاني من صدمة قلبية حادة وهبوط في الضغط، لكنه تفاجأ بهجوم من قبل أحد مرافقيها بالشتائم وحمل "النعال" لضربه. في المقابل لم تتدخل القوة المسؤولة عن حماية المستشفى لمساعدة الطبيب.

الطبيب حاول إقامة دعوى قضائية على المعتدين، إلا أن الإدارة الخافرة رفضت ذلك لعدم وجود ممثل قانوني بعد انتهاء الدوام الرسمي، لكنه بقي يتعرض للتهديد مما دفعه وعددًا آخر من الأطباء إلى ترك المستشفى التي أغلق فيها قسم الطوارئ لعدة أيام قبل أن تُفتح مؤخرًا.

في العشرين من شهر تشرين الأول/نوفمبر الحالي اختطف الطبيب محمد حازم، اختصاص كسور أمام مستشفى الكندي في بغداد، ولم يعرف مصيره حتى كتابة هذا التقرير، وقبله بيوم قُتل طبيب أسنان ومساعدته بهجوم مسلح شمالي العاصمة بغداد، بعد أن اقتحم مجهولون عيادتهم في قضاء الطارمية وأطلقوا النار عليهما.

منذ سنوات تكثر في العراق حالات الاعتداء على الأطباء، خاصة في المناطق التي يكثر فيها الطابع العشائري، وتحديدًا في محافظات الجنوب، مما دفع عدد من الأطباء إلى الانتقال لأماكن أخرى وفتح عياداتهم بعيدًا عن البيئات التي تسيطر عليها القبلية والعشائرية.

في السادس والعشرين من آذار/ مارس 2013، أصدر مجلس النواب العراقي بعد مخاض عسير قانون حماية الأطباء رقم (26) لسنة 2013، الذي تنص أبرز نقطة فيه على "المعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن (ثلاث سنواتوبغرامة لا تقل عن (عشرة ملايين -ثمانية آلاف دولار أمريكي) تقريبًا، على كل من يدعي بمطالبة عشائرية أو غير قانونية ضد طبيب عن نتائج أعماله الطبية".

رغم أن القانون قد أصدر قبل أكثر من عامين ونصف، إلا أن الاعتداءات ما زالت مستمرة بحق الأطباء العراقيين، خاصة مع تزايد وجود الجماعات المسلحة وغياب القانون ووجود الأعراف والعشائرية، ما دفع لجنة الصحة في مجلس النواب العراقي إلى المطالبة بضرورة تطبيق القانون والعمل به وعدم إهماله.

عضو اللجنة صالح الحسناوي، يقول لـ"الترا صوت" إن "من الضروري أن تعمل وزارة الصحة العراقية والجهات المعنية على بدء تطبيق قانون حماية الأطباء، وألَّا يبقى القانون مجرد تشريع موجود، لأن للأطباء دور كبير في إنقاذ حياة الناس، وهم جزء من منظومة الدولة والمجتمع العراقي".

ويضيف أن "هناك اعتداءات على الأطباء رغم وجود قانون، وهذه تصرفات غير مقبولة وتنذر بوضع غير ملائم لحياة هؤلاء الأطباء، مما يحتم على الجهات المعنية محاسبة كل من يعتدي على الأطباء وتقديمه للعدالة، لأن عدم محاسبة المعتدين يزيد من حالات الاعتداء".

ويقول الدكتور أمجد بلاسم الذي يعمل في دائرة صحة ميسان، جنوبي العراق، لـ"الترا صوت" نحن نعمل في ظروف غير آمنة والحفاظ على حياتنا أصبح أمرًا صعبًا ونتعرض للكثير من التهديدات والاعتداءات ومحاولات الخطف والقتل أحيانًا في ظل صمت مطبق من الجهات المسؤولة".

ويضيف بلاسم الذي يتابع الانتهاكات التي يتعرض لها الأطباء في العراق، أن "قانون حماية الأطباء لم يفعل رغم إصداره وذهب مع أدراج الرياح، حيث أصبحت الانتهاكات عديدة، وبسبب ذلك يترك بعض الأطباء العمل، ويخشون التبليغ عن الانتهاكات خوفًا من الملاحقات".

وقبل أيام أوعزت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، إلى وزارة الداخلية بتبني موضوع الحد من حالات الاعتداء على الأطباء والكوادر الصحية، وأهمية "القيام بحملات توعية عن الآثار السلبية للتدخلات العشائرية في محاسبة الأطباء، والإيعاز بأخذ الإجراءات الصارمة بحق المعتدين، وتشديد الحراسة على المؤسسات الصحية وتأمين سلامة العاملين فيها".

من جانبها تقول النائبة في البرلمان العراقي حمدية الحسيني، لـ"الترا صوت": "إن الأطباء العراقيين يتعرضون خلال الفترة الأخيرة إلى اعتداءات كبيرة، بسبب بعض الأعراف والتقاليد وعدم وجود فهم من قبل البعض لعملهم، مما يدفعهم إلى الاعتداء عليهم". وأكدت أهمية أن "يكون هناك تثقيف ووعي كبير بعمل الأطباء، وأن توفر الدولة العراقية الحماية اللازمة لهم ومنع الاعتداءات عليهم حتى لا يفرغ العراق منهم".

ومنذ سنوات تعمل بعض العشائر العراقية على تهديد الأطباء الذين يجرون عمليات لأبنائها ولم تنجح أو أنها تفرض على الأطباء شروط وإجراءات لا يستطيعون تنفيذها، خاصة في مناطق جنوب العراق الذي يعد بيئة خطرة تواجه الأطباء، وحدثت عشرات الحالات التي تعرض فيها بعض الأطباء للتهديد والمحاسبة العشائرية.