المنافذ الحدودية.. بين السيادة والفشل الإداري

أبنية شبه متهاوية، مطلية بألوان باهته أصابها الجرد، تتخللها شبابيك حديدية، يعلوها الصدأ من كل جانب، كأنها سجون، أينما تذهب يطوقك التراب، لا ارض تقييك ولا سماء، حتى العلم ممزق الأطراف، يشوبه الدخان والأتربة، قد تغيرت ملامحه الفقيرة، والتعرية الجوية إصابة كل شيء، حتى الضمائر المسئولين، فقد تعرت من الوطنية.

الحرس من الداخلية والدفاع، تكاد تميزهم من القيافة العسكرية المنضبطة، الملابس التي لم تستبدل على مدى عامين أو أكثر، والقوام العسكري الذي يعكس هيبة الدولة، حيث لا يقل وزن احدهم عن المائة وخمسون كيلو غرام؟! يستطيع الجري أسرع من النملة، وإما كابينة فحص الجواز، فحدث ولا حرج، أنها متطورة جدا، لا تملكها أسوء حدود دولة في العالم!

أسلاك شائكة، وصبات خراسانية، وشبه علم يرفرف، يرسم ملامح الحدود بين الدولتين المتجاورتين، تحتوي على منافذ صغيرة أو كبيرة حسب مقدار التبادل التجاري والسياحي بين البلدين، ويعد الاهتمام بتلك المنافذ من السياسة الاقتصادية الناجحة للبلد، وكلما ازداد حجم الاستيراد والتصدير، سبقته عمليات تطويرية لتلك المنافذ يتناسب مع المساحة التجارية بين البلدين.

إن العراق وما يعانيه من تخبط سياسي وأداري وامني، اثر بشكل مباشر على طريقة إدارته للمنافذ الحدودية، ولم يتعلم من أخطاء الأمس، حتى عادة الكره مرة أخرى، بنفس الوتيرة، وبحلول ترقيعيية، لا تكاد تخلو من الفساد الإداري والمالي، تسبب بخرق سيادة الوطن، من قبل الزوار الإيرانيين، في أربعينية الإمام الحسين(عليه السلام).

سيادة العراق هي خط احمر، وفوق كل الاعتبارات المذهبية والقومية والعرقية، وما حصل في منفذ زرباطية يدل على ضعف الدولة في إدارة حدودها، ولا توجد خطط مدروسة، لاستيعاب تلك الإعداد المتزايدة، ولا تملك نظرة مستقبلية لتطوير تلك المنافذ الاقتصادية، حيث تدر على البلد ملاين الدولارات سنويا.

وفي كل مرة تعتبرها القنوات -ذات النفس الطائفي- مادة دسمة تستهل بها عناوينها، للإثارة وشحن الطائفي، لا تعطي الأسباب الحقيقية لهذا الخرق، وتكتفي بإلقاء اللوم على الجانب الإيراني، المتعطش للزيارة، وهو قاطع ألاف الأمتار لعبور الحدود، حيث يصطدم بفشل إداري في المنافذ العراقية، يجعله يفترش الحدود لأكثر من 48 ساعة، ينتظر سمة الدخول.

هذا كله لا يعطي الحق للزائر الإيراني بالدخول عنوة، وباختراق الحدود والسيادة، ولكن الخلل ليس في الوافد إلى البلد، بقدر ما هو في الإدارة الحدودية الفاشلة، مع سبق الإصرار والترصد.

إن أسرع موقف دبلوماسي تتخذه حكومة المقبولية، هو احتجاجها على دخول أنفسنا الزوار الإيرانيين! ما يثير الاستهجان أكثر، أين احتجاج حكومتنا الرشيدة من اختراق تركيا للأجواء العراقية؟ أين احتجاج حكومة الأقوياء من فضيحة وثائق وكيليكس ودور وعلاقة السعودية بها؟ أين احتجاج حكومة الشراكة الحقيقية من تدخلات الأردن في الشأن الداخلي وأهانت العراقيين في مطاراتها ومنافذها الحدودية، والاعتداء على طلاب القوة الجوية؟

أين احتجاج حكومة الإصلاحات من هبوط الطائرتين المحملتين بالأسلحة والكواتم والأموال في مطار بغداد؟ أين احتجاج حكومتنا من قطر ودعمها للإرهاب وإيوائها للبعثيين والدواعش ومن قناة الجزيرة؟ إلا تعد هذه الإعمال خرق لسيادة الوطن، فلماذا لم نسمع نفس الصرخات التي تصاعدت عفونتها الطائفية اليوم؟