الكتابة في غير محلها |
اطالع في “بعض” صحفنا ومجلاتنا ، مقالات واعمدة ، في السياسة والثقافة والرياضة ، تشرق وتغرب في فحواها ، تميل الى حيث المصلحة الذاتية ، دون وازع مهني وادراك يناسب العقل الجمعي للقراء الذين يملكون ميزان المقبولية من عدمها في ما يطرح من موضوعات ، ويقيسون بفهم واع مساحة التناول الموضوعي مقابل فضاء الخواء بدقة متناهية … وقد أسقط القراء عشرات من هواة الكتابة بالضربة القاضية وطردتهم من عالم الكتابة ، لهلامية متابعاتهم ، وبالمقابل تمسكت بكتاب مرموقين ، بسبب صدق افكارهم وطروحاتهم .
وقد آمنت منذ بواكير حياتي المهنية ، أننا نحيا في عصر أقرب الى الإطلاق منه الى التحديد والى الإرسال منه الى القيد… وهذا العصر يبحث عن مخاطبي العقل لاعن من يكتب بسهل الكلام وتكرار سفسطة المقولات الجاهزة والتي تكثر في صحافة الكاتب الواحد والقارئ الواحد..!
ان الكتابة والفكرة لا تكون فكرة إلا حين تكون إيماناً بها او في طريق الإيمان بكل ما يحمله لفظ الإيمان من قناعة داخلية واطمئنان نفسي ووثوق عقلي .. والأفكار والمقالات التي لا تكون موضوع إيمان او قصد إيمان عن طريق عرضها ومناقشتها لا يجوز ان تُطرح .. إنها حين تكون كذلك تكون موضع تجارة ، وليس أقسى من تجارة الأفكار ، إنها الفتنة التي تخرج بالناس عن محاور حياتهم الى حياة من محاور !!
وعلى سبيل المثال ، ترسخت عندي قناعة بأن الكتابة ” السياسية ” السائدة الآن ، هي في الغالب كتابة الثابت والمجتر ، وهي أسهل أنواع الكتابة ، ولا سيما أذا كانت ذات توجهات معروفة لدى القارئ سلفاً ، وبالتأكيد ان هذا الحديث ، يثير ازعاج وزعل الكثير من المعارف والأصدقاء والزملاء الذين بنوا مجدا موهوما عن طريق كتابة موضوعات طرحها قبلهم آخرون وهؤلاء “الآخرون ” كتبوها متأثرين بمن سبقهم وهلم جرا كما قالت العــــرب !!
ان الكتابة عن الحرية والمساواة والعدل والديمقراطية و.. و.. و .. بدأت مع بدء تعلم القراءة والكتابة ، وهنا ، انا لا أبخس حق من جاء بنظرية إنسانية مبتكرة او كتب معالجات جديدة تخدم البشرية ، لكني أتحدث عن من يكتب في شان يدعو الناس اليه ، بينما هو لا يمارسه !
هل اقصد احدا في سطوري …؟
نعم ، ولا !
ليبق الأمر .. موضع تساؤل !
|