ابو زيد عِبرة وعَبرة .. بقلم / علي الزيدي

الله يرحمك أبو زيد، كان من أحسن نماذج الإيمان بمبدأ ( القضاء والفگر ) تلك المدرسة الفكرية الواقعية كلّش طبعاً عندنا إحنا العراقيين وبس .

أبو زيد كان هارب من الجيش بآخر سنين الحرب العراقية الإيرانية، والإيرانية العراقية، وهذا طبعاً معناه بالضرورة لازواج لابيت لا ثروة لاشغل لاورث وكلشي بالدنيا يگول له كش أبو زيد، المساجين اللي كانو بابو غريب مثلاً، كانو كل واحد ملهي نفسة بشغلة يهتم بيها ويخلص وقته، واحد يسوي جيزدانات نمنم واحد گيوات حياكة واحد بيوت من اعواد الشخاط، وغيرها من الاهتمامات المهنية والثقافيه، لكن المسكين أبو زيد كان خاتل في غرفه داخل هيكل بيت نصف مبني بلا أبواب أو شبابيك او كهربآء او ماء ولسنين طويلة لايربطه بهذا العالم الواسع سوى المرحومة والدته العجوز كانت كل كم يوم تمر عليه بالليل تاخذ له اكل وشرب وبعض احتياجاته، ابو زيد استغل هذي الفترة وحفظ الأدب العربي حرف حرف من العصر الجاهلي الى عصرنا الجاهلي هم . فد يوم طلعت روحة أبو زيد وقرر يطلع يروح يحظر لديوان الشهيد السيد جاسم الشوكي اللي قريب عليه طبعاً وفي منطقته تقريباً، المهم بس طلع أبو زيد شافة واحد من الشرطة انفسنا مال ايام زمان وشك بيه وماترك المسكين يتهنى بطلعته الگشرة، وراك وراك يبو زيد وما فلت المسكين الا بعد ان حصل له طلقة بالفخذ تكمل مسلسل القضاء والفكر وتچمّل الغرگان غطّة .

دارت الدنيا بالمسكين ابو زيد وراح لايران حالة حال الناس اللي هاجرت، وبقى حاير طاير من دون العراقيين ما اله لاعنوان ولابيت ولاسكن ثابت ، مابقت نطيحة ولامتردية ماخطبوها ورفضته لهذا المسكين .عينه كريمة( اعور) من تعذيب الامن، اعرج من طلقة الشرطي انفسنا اللوگي، وكبير بالعمر بسبب ايام الهروب والحرب الطويلة، ومفلس لاراتب ولاشغل . جماعة الجهاد والمجاهدين مايريدهم لان ما اهتمو بيه وبمضلوميته وحتى راتب ما سوو اله حاله حال المگاريد، وطبعاً مايردوه لان كلش مثقف ويخافون يصير مسؤول عليهم أو يزاحمهم . جماعة الحوزة مايريدوه لأن ابو زيد ( فحّاش ) بتشديد الحاء ، يعني يحچي بالقلم العريض طگ بطگ

ويگولون يتجرأ على الذات المقدسة ! وحدة من سوالفة مثلاً- يگول عفية عرش عبالك كارووك اربع وعشرين ساعة يهتز، اللي تزني تهز العرش، اللي يغتاب يهز العرش، اللي يعق والديه يهز العرش ...يگول الهم ياجماعة لاتستخفون بعقول الناس وتروون روايات خارج حدود العقل .

ابو زيد هلگد ماتعبته الحياة گام خطية يهرب من الناس والحياة ماتتركة وتذب عليه بس النمونات اللي تغث المخابيل . يوم من الايام شفته يضحك وحده بالشارع گلت له خير ابو زيد اشو تضحك: گال واحد عراقي عود احترمته صار ساعة يتمشى وياي ، سولفت له سالفة وتفاركنه بداية السوگ ، لگيته بعد نص ساعة نهاية السوگ صاح عليه ابو زيد تعال اسمع هذي السالفه الحلوة وسولف لي سالفتي اللي قبل شوي سولفتها اله .- أبو زيد - كنت اروح له اعرض عليه اي قصيدة اكتبها بمجرد يسمع الشطر يگول هذا من البحر الفلاني وهوة اول واحد افتهمت منه طريقة التقطيع والتنقيط لبحور الشعر العربي اللي كانت عنده عباره عن بديهيات يقولها بلاتفكير وتردد.

ابو زيد كان مثال للعراق ، تاريخ وحضارة وعلم ولكن كل الاقدار السيئة تتسابق على خطوات عمره المليئ بالوجع والوحدة حتى في موته.