لم يتعامل أحد مع حزب البعث كما تعامل معه المالكي , وبجرأة ووقاحة ضاربا كل مشاعر الثكالى والأيتام والضحايا عرض الحائط . ذلك الحزب الذي أهلك الحرث والنسل وما أن انتهت ( رسميا ) رحلته الطويلة مع الدماء التي لم تجف بعد , حتى أستأنفها عبر مفخخات وتقطيع للرؤوس !! البداية كانت من مجالس الأسناد المشكّلة أرتجالا والتي أستطاع من خلالها أستقطاب اكبر شريحة موالية لنظام البعث وهي شريحة العشائر والمتمثلة بمنظومة (شيوخ التسعين ) التي بناها صدام , معرضا العملية الديمقراطية والنظام المدني إلى خطر غياب القانون في ظل أنتعاش العرف العشائري. ثم تبع هذه التجربة التي عدت ناجحة لشخص رئيس الوزراء , عدة خطوات في أتجاه عودة رجالات العهد الماضي , ولم يكن هذا الأمر منطلقاً من أية أرضية دستورية أو قانونية , بل كان وفق عملية (الأستثناءات ) الخاصة برئيس الوزراء ومكتب القائد العام , الشرط الوحيد هو أعلان الولاء والطاعة للحكومة ورئيسها (ليس للدولة والوطن ) . ورغم وجود دعوات عديدة أُطلقت من أطراف سياسية لعودة البعث والتصالح الشامل معه , إلا أن رفض الحكومة (الاعلامي ) كان جوابا لمثل هكذا دعوات , ذلك الرفض كان متناغما مع رغبة الجمهور الرافض لأي دعوة حوار لحزب البعث الفاشي , وبالمقابل فأن عملية عودة البعث إلى مفاصل الدولة كانت واضحة إلى درجة أن الممارسات البعثية السابقة ذاتها نجدها اليوم حاضرة في أغلب دوائر الدولة العراقية (الجديدة شكلا دون المضمون) . من هنا ندرك كيف يلعب البعض على ورقة الجمهور دون أي قضية يتبناها , فهو يتظاهر بما لا يفعله ويفعل ما يرفضه الناس , ويمارس عملية تظليل وتجهيل مفرطة بحق الشعب الذي أزدادت ضبابية المشهد أمامه لدرجة أصبح يفضل السبات العميق على أن يطالب ببعض حقوقه . يعود اليوم حزب البعث من جديد ومن أوسع الأبواب وفي ذكرى مؤلمة للشعب العراقي , يوم تأسيس البعث لم يكن خيارا عفويا لتنطلق فيه عملية تكريمه من قبل المالكي , بل هناك تخطيط وشرط مسبق لتكون بمثابة الهدية المقدمة من المفاوض البعثي إلى أنصاره والمستفيدين من قرارات الرئيس . أن عملية تجاهل المواطن العراقي بهذه الطريقة ,والرهان على التصعيد الطائفي لدخول الأستحقاقات الأنتخابية , مضافا لها ضربا صارخا للدستور والقانون , تعتبر بمثابة سلوك الطريق ذاته و المؤدي إلى نفق دخله الشعب سابقاً ولم يخرج منه إلا بعد ثلاثة عقود ونيف من الزمن , مكلفاً ملايين الضحايا بأستهتارات داخلية وخارجية وتبذير للثروات الوطنية , خصوصا وأن مؤشرات الفشل الأمني والعمراني واضحة للعيان , رغم تعكز الحكومة على حجج ومبررات واهية ومن تلك المبررات أتهام فلول البعث بمحاولة تخريب العملية السياسية في العراق ... فهل أيقنت الحكومة أن الأستقرار مرهون بعودة حزب البعث إلى السلطة بعد أعادة تأهيلهم جسمانيا ودمجهم في حزب (الدع..ث)!! |