لعلكم على علم بالفرق بين الدعاية والإعلام. للتذكير فإنهما معا قد يستعملان الصحافة والتلفزيون وشبكات التواصل لإيصال رسائلهما للناس. الدعاية تعتمد فن نشر الأكاذيب بينما الاعلام يعتمد نشر الحقائق دون تضليل. تنقل لنا قصص العرب عن الشاعر جرير يوم كان ماشيا بأسواق البصرة فسمع رجلا يسأله عن: من هو أشعر الناس؟ مسك الشاعر يد الرجل وقال له تعال لترى الجواب بعينيك. تبعه الرجل فوقف به عند باب بيت حقير. طرق الباب فخرج له اعجف قبيح المنظر والحليب يسيل من لحيته. سأل جرير الرجل: أتدري لماذا يسيل الحليب من لحيته؟ كلا. لأنه يرضعه من ضرع العنزة مباشرة. ولماذا؟ مخافة ان يسمع الناس صوت الحليب في القدح فيطلبون منه شيئا وذلك لشدة بخله. أتسألني من هو اشعر الناس؟ انه انا وهذا ابي الذي قارعت بكرمه ثمانين شاعرا وغلبتهم جميعا. تمر بذاكرتي تلك الحكاية وانا اقرأ واسمع واشاهد أحاديث عن قوة الدواعش وكثرة عددهم وتصويرهم بالقوة الجبارة التي لا تقهر. قلت غير مرة: يمعودين انهم ثلة مكاميع كبّرتهم ماكينات دعائية فصرنا حتى نحن نصدق ما يقال عن جبروتهم. كنت اكرر بأنهم ما احتلوا الموصل لكثرة عددهم او شدة بأسهم بل لغباء الذي كان يقود قواتنا المسلحة في ساعات هجومهم. الدواعش ليسوا بمئات الآلاف ولا حتى عشرات الآلاف كما يشاع. دعاية متقنة من الذي يدعمهم وحتى من الذي يحاربهم أحيانا ليظهر نفسه هو الآخر شجاعا. هذا الكلام ليس من عندياتي بل من سيدة شجاعة كندية تركت بلدها وقصدت الدواعش لتحاربهم بنفسها. انها الكندية هنا بوهمان التي قررت طوعا التوجه الى العراق وسوريا لتنظم الى الفرع النسائي لوحدات حماية الشعب الكردي. كانت من ضمن عشرات الغربيين الذين تركوا بلدانهم لقتال داعش. صار اسمها عند المقاتلات الكرديات "نمرة الشمس". تقول هذه النمرة ان "هزيمة داعش أسهل مما تتخيلون وان التنظيم بنى حوله هالة وضخم حجمه باستخدام الدعاية عبر وسائل الواصل الاجتماعي". وبينما تتحدث التقديرات الغربية عن وجود عشرات الآلاف من المقاتلين في صفوف داعش تقول النمرة لموقع "بيزنس اينسايدر" إن "اعدادهم لا تبدو بذلك الحجم وانهم حريصون على الهرب عندما يشعرون بالمقاومة خلال المعارك .. وان اغلب المقاتلين من داعش يشعرون بالإحباط". فضيحة.
|