موازنات الدول

تعلمنا بان موازنات الدول لا تعني تبويب ارقام الاموال التي سترد امامها تلك التي ستنفق، بل هي برنامج عمل قبل كل شيء، يؤدي كل من جانبيها دوراً عليه تحقيقه في ختام السنة المالية.ومن الواضح أننا في العراق لسنا معنيين بتحقيق شيء في نهاية السنة التي نعد لها الموازنة، بعد أن تجاوزت السنون العجاف العدد المقبول. ولم ينفذ خلالها أي منهاج وضع في نصوص القوانين التي صدرت على مدى ثلاث عشرة سنة حتى تلك الحصص الاستثمارية لم ينفذ منها خلال الثلاث سنوات الاخيرة نسبة تتجاوز 58% اعلنت مع غياب التحقق ومعرفة أين هي الـ 42% المتبقية.وما دامت موازنتنا هي ايراد ونفقات مجردة فلم يكن من داع أن يذهب بمسودتها كبار المسؤولين لدينا ليجلسوا كما ظهروا على شاشات الفضائيات أمام مجموعة من موظفي صندوق النقد الدولي الذين كانوا يتطلعون الى الاجهزة الشخصية لكل منهم ويؤشرون باصابعهم للتعقيب الصامت حول ما يظهر على اجهزتهم من نتائج استخلصوها من حديثهم مع مسؤولينا.لابد من القول باننا لا يصح ان نضع انفسنا في موضع الشفقة أمام الاخرين، ما دمنا مصممين على المضي في الطريق المجهول التي ابرز علامات الدلالة فيه هو العجز المالي غير المفهوم والمعقول. فهل يصح في دولة لا ناتج قومي محلي فيها يقابل النفقات ولا دورة انتاج تحقق مردوداً ونصر على ادراج العجز بمقدار هائل لا يمكن تحت اي توقعات ايجابية ان تتم تغطيته خلال السنة. ان لعبة العجز الكبير خطيرة وخطيرة ولا داع لها غير ان تحذف كل ما هو زائد من النفقات مهما كانت الحكومة مكرهة في ادراجها.وكان من المؤسف بل والمؤلم ان تصدر اشارات من ادارة صندوق النقد الدولي انهم ابلغوا بأن الحكومة العراقية قد قبلت بالمنهاج الذي وضعوه لمشروع موازنة 2016، والذي لم يعلن عن تفاصيله ولا احد يعرف ما ضمه هذا المنهاج.من جانب اخر هو ان العام 2015 يكاد ينتهي ومع اننا لم نعمل بموازنة دولة خلاله فلا يمكن لنا توقع ان تقوم موازنة 2016 على الاسس الصحيحة التي يتوجب ان يقوم بناءها على نتائج تنفيذ موازنة السنة السابقة وما انفق خلالها وما تبقى ان كانت هناك بقية.ويبدو ان سلطاتنا اعتادت على رؤية هذه الامور من خلال ما يحقق توافقاتها التي لا زالت تتراشق فيما بينها بأدوات الصراع السياسي ولكنها في النهاية ستضطر الى قبول كل طرف بما طرحه الطرف الاخر بترضية ومحبة وكأن شيئاً لم يكن.لا يجدر بنا أن نطلب الانصاف من غيرنا قبل أن ننصف أنفسنا. أيها الناس لقد تعرضنا لازمة ووقعنا في مطب. ما علينا الا ان نستعيد الوعي ونحدد نفقاتنا بما ستجود به الحفر السوداء التي تسمى آبار النفط، دون زيادة وهي تكفي لعبور نصف الطريق قبل أن تتراكم الامور ونهوي الى الافلاس.