طريق لمعالجة جدية

 

من ابســـــط بديهيات الحياة التي لايختلف عليها اثنان ان افضـــل ســـبل الحلول لاية مشـــكلة تكون بمعرفة اســــبابها اولاً ومعالجتها ،اي معرفة العلة والمرض وتشـــخيصهما بدقة  اي مناقشـــة  تغور لعمق المشكلة وهو ما ظلت القوى السياسية المهيمنة على المشهد السياسي والممسكة بزمام السلطة بعيدة عنه بل رافضة الاقتراب منه ..وهذا ماابقى العراق منذ الاحتلال والى الان يعيش حالة فوضى واستمرار انهيار الامن والنظام وشيوع العنف والتطرف الديني والطائفي والارهاب وتدهور منظومة الخدمات وتفشي الفساد بجميع انواعه ..و بعد اكثر من اثني عشر عاماً من تعمد الالتفاف على اصـــــل المشكلة والدوران حولها من قبل ســياسيي المصادفة ادرك الكل سياسيون ومحللون ومراكز بحوث ان مصدر ازمات العراق وشــعبه هو سياسات الادارة الاميركية الخاطئة التي تعمدت اختيار المحاصصة باسوأ انواعها كصيغة لتقاسم المناصب وكان من الطـــبيعي ان تستميت الكتل السياسية الاسلاموية بعناوينها كافة لتبني هذه الصيغة  في الحكم وتمسكها بالمحاصصة كخيار لها لتــوفير هيمنتها وتسلطها وتعاظم نفوذها ، وهذا ما ادى الى غياب الرؤية الحقيقية لخارطة طريق تبداً بحل سياسي شامل ينقذ العراق وشعبه من ويلات الممارسات التي جلبت الخراب والدمار وغيبت قيم المواطنة وجعلت المواطنين يعيشون بين مطحنتين الاولى بظهور الافكار الظلامية التكفيرية من قاعدة وغيرها التي فرخت انواع الارهاب واشدها قسوة الارهاب الداعشي ، اما المطحنة الثانية فهو الميليشيات الطائفية والعصابات المنظمة التي تنشر ارهابها هي الاخرى في وضح النهار ..

 

وبرغم كل الاصوات الوطنية التي حذرت من مغبة استمرار منهج المحاصصة وتجميله بالتوافق زوراً ، فان الكتل الكبيرة ان صح التعبير صمت آذانها  عن كل نداء مخلص رافضة من الناحية العملية اي معالجة حقيقية برغم ما ترفعه من شعارت وهو ما عرض العراق الى خطر التشرذم والتقسيم والتدمير .. وليس من باب المبالغة او الاصابة باليأس القول اننا كوطن وشعب ما زلنا نعيش حالة الخطرالداهم والضياع حيث اكثر من مليونين ونصف مشردين من مناطقهم كما ان اكثر من هذا العدد غادروا كلاجئين بحثاً عن ملاذ آمن بعد ان فقدوا الامل بمعالجة جذرية تعيد الامال التي تكسرت تحت مطرقة الانانية والجشع والاستحواذ السياسي ..

 

اليوم وبرغم الانتصارات التي تحققها قواتنا المسلحة البطلة بكل تشكيلاتها على الارهاب  وتضحياتهم الكبيرة  ،مطلوب من القوى السياسية جميعاً الارتقاء بمواقفها لتكون بمستوى عطاء المواطن البسيط والمقاتل الشجاع وبمستوى التحديات وتبدأ عملية مراجعة دقيقة لكل ممارساتها السابقة .. وقفة نقدية شجاعة تعيد للهوية الوطنية اعتبارها بعد ان شوهتها الطائفية السياسية ، وقفة تعترف فيها ان المحاصصة كانت اس الازمات التي مرت علينا وادت الى كل ما نحن فيه ..

 

ان خارطة الطريق لاي معالجة تبدأ بتصحيح مسار العملية السياسية وتنقيتها من قيم الانتقام والكراهية والتهميش والاقصاء والمباشرة بخطوات عملية لتعديل الدستور المختلف على تفسير بنوده و المليء بالالغام واقرار تشريع القوانين المهمة كالنفط والغاز والعفو العام الذي ينبغي ان ينصف العراقيين المتصدين للاحتلال ويميزهم عن الارهابيين وتأكيد مبدأ الفصل بين السلطات خاصة القضاء .. ما نبحث عنه في خارطة الطريق كمواطنين ديمقراطية حقيقية نحس فيها بالعدالة واننا جميعاً واحد امام القانون من دون تمييز على اساس العرق او المذهب او الدين .. نريد معالجة حقيقية لواقعنا السياسي يحفظ لنا وحدة العراق ارضاً وشعباً فهل هذا صعب ؟!!