حقيقة قد تبدو غائبة

 

هل رُتب موضوع دخول القوات التركية الى الاراضي العراقية في هذا التوقيت ، أم ساقته الاقدار، ليغطي على الازمة الروسية التركية ، رغم أنه ليس جديدا ، لكي لا تُحرج روسيا ، ويُمس كبرياؤها ، عندما إكتفت بما رأته مناسبا من ( عقوبات ) ضد تركيا ، بسبب إسقاط  طائرتها  ..

 

وهل إكتفت روسيا بهذا القدر من المواقف لأنها تعرف أن الوضع اليوم قد تغير تماما ، عما كان عليه في زمن الاتحاد السوفيتي السابق ، وأن كل طرف يعرف إمكانات الطرف الاخر والاوراق التي يمتلكها ، كما تدرك ايضا أن اعادة الاعتبار ليس بتلك السهولة  والعجالة ، ولا يتحقق بطريقة واحدة ، يكون ثمنها كبيرا ، و قد تكون غير مستعدة لتحمله الان  ..؟؟…

 

وفي ضوء تلك الاسئلة لم تخرج ردود الفعل والتصريحات عن ( المقبول والمتوقع ) من الجانبين في رأي بعض المتابعين ..

 

 لقد مضى من الوقت ما يكفي لمعرفة ما اذا كان هناك رد أخر أقوى مما ظهر لحد الأن ، ولكن لم يحصل ما يناسب قوة الفعل ، ويبدو أن المراهنات واختبار القوة ورد الفعل ستكون على الساحة  الحقيقية ، التي  يجري فيها الصراع ، وهي سوريا ..

 

وتدرك روسيا جيدا المسعى الامريكي  لإستغلال الموضوع لصالحها ، ولذلك لا تريد ان تنشغل بمعركة اخرى غير معركتها الاساسية التي تراهن عليها ، وهي في سوريا حصرا ، وتجد النصر فيها هو المدخل الى رد إعتبارها كقوة عظمى ، وحماية مصالحها في الوقت ذاته ..

 

 كما تدرك جيدا نوايا امريكا لجعل سوريا افغانستان ثانية لروسيا  ، باستدراجها الى معارك  اخرى غير مخططة او مستعدة لها ، ولذلك لا تريد ان تشتت قوتها وجهودها الدبلوماسية  والمادية  في غير مجالها ، وبالتالي لا تريد ان تعطيها الفرصة لافشالها في سوريا ، ولكي لا تصل  في النهاية الى وضع  صعب ، ولم يكن أمامها غير القبول بالحلول الامريكية للازمة السورية..

 

وفي كل الاحوال أن الحرب على الارهاب التي دخلت اطراف عديدة – اقليمية ودولية  – تحت ( يافطتها ) – الى الساحة تعد  فرصة  مناسبة لها  ولغيرها لتجرب قوتها وحظها في النظام الدولي الجديد ما دامت لا  تخسر شيئا ، لأنها تدور خارج حدودها ، وليس ضد مصالحها ، وتمنع امتداد الارهاب اليها أيضا..

 

ولذلك تبدو هذه  الحرب على الارهاب الى الان ، وكأنها غير ( جدية ) أو تراوح مكانها ، ما دامت يتحكم بها الطرف الاجنبي  ، وقد تستمر وقتا طويلا ، اذا استمر هذا الاختلاف ، وتعدد المحاور والتحالفات الخارجية تحت عنوان مكافحة الارهاب ، وكل طرف يريد أن يستثمر نتائجها لصالحه ..

 

 لقد سمحت الاطراف الداخلية أن تكون أراضيها حقول تجارب  للغير ، وساحة  مكشوفة  ومفتوحة لمن يريد الدخول  اليها دون اعتبار للسيادة ( المفقودة ) ، ولمن يريد أن يجرب ما لديه من جديد في إختبار القوة بكل اشكالها ، أو تحقيق احلام ومشاريع  باعادة  ماض أخذ حكمه الظرفي ، والتاريخي ، ويتحسرون على ضياعه ، علهم يعيدونه ، وربما تصوروا أن الفرصة مؤاتية ، تحت يافطة التحالف والحرب على الارهاب ، ومعرفتهم بقدرة الاطراف الداخلية التي لم تكن بتلك  القوة المناسبة ، عسكريا واقتصاديا وسياسيا ، بل تتوسلها عند  الغير ، أو تراهن على قوة أخرى بتصور واهم أنه يمكن أن  تنصفها ، أوتقف معها في  حقها ، وتحافظ على ارضها ، وترد المعتدي ، لكنها  في حقيقتها تقف مع حق القوة ، وتجد في الضعيف فرصة لأظهار جبروتها ، وتحقيق مآربها ..ولنا في الوقائع القريبة عبرة وشاهد ..

 

 وليس تغريدا خارج السرب ، بل هو في الصميم  … عندما نقول أن ما يحصل في ( السماء ) والارض في المنطقة اليوم لا يزال  ضمن  مدار الفوضى الخلاقة ، والتدمير المنظم للانسان وبناه التحتية ، وضياع فرص البناء والتقدم ، وتحت سيطرة قوة واحدة ، وستستمر هذه القوة  الى أمد يقرره قانون التطور الطبيعي ، بظهور قوى جديدة  مكافئة  ومعادلة لها ، وهذا يحتاج الى زمن ، وعندها يكون مقص  التقسيم والقضم والضم  والتغيير ومعول الهدم والتخريب ،  وقانون الفوضى الخلاقة ، قد فعل فعله على الارض ، يرافقه تراجع  كبير الى الوراء ، في وقت يتقدم العالم الأخر بخطوات متسارعة الى امام ..

 

فالارهاب اصبح  اليوم ( لاعبا أساسيا ) في العلن ،  بعد أن كان  يعمل في السروالظلام  ، وظاهرة دولية  واحدة  لا تقبل التجزئة الجغرافية ، يتنقل أنى شاء ، ويهدد من يشاء ، دون اعتبار لدولة كبرى ، او صغرى ، بينما تقابله أطراف داخلية مختلفة  ومتحاربة ، وأطراف خارجية لها مصالحها الخاصة ، وبدأت تظهر واضحة ، ويستفيد من الخلافات ، واختلاط الاواق والطائفية ،  والتجزئة ، والفساد والظلم والبطالة  ، وهي قنوات يدخل منها الى ( المحبطين والمهميشن ) في بلدانهم ويستخدمهم وقودا ضدها  ..

 

ولذلك  يرى المتخصصون  والمراقبون أن كسب الحرب على الارهاب يبدأ من الداخل ، وليس العكس ،  ويتوقف على قدرة الطرف الوطني  حصرا على كسب الجميع اليها دون استثناء أي فصيل ، أما العوامل الخارجية فهي مساعدة وليست أساسية …

 

 فالارهاب لم يعد يهدد حياة الانسان بالموت فقط ، بل يستهدف وحدة الوطن ووجوده ، ويهدد سيادته ، وينال من كرامته ،  ويجعل أرضه مستباحة لمن هب ودب من الاجانب  دون مراعاة للقوانين الدولية ، تحت هذه الحجة ، ويتوزع أهله في المنافي ، لاجئين ومشردين ، أو نازحين عن ديارهم في العراء  ..

 

تلك حقائق واضحة ، وان بدت غائبة الى الأن عن البعض ، ممن اكتوت اوطانهم بنار الارهاب  والدمار ..

 

{{{{{{

 

كلام مفيد :

 

  إصبر على مضض مرارة الحق ، واياك أن تنخدع لحلاوة الباطل …. الامام علي ابن ابي طالب ( ع ) ..