بومة

 

اختلف الكثير من المجتمعات على طائر البوم فهناك شعوب اوربية وآسيوية تتفاءل بطائر البوم بل ويقومون بتربيتها في بيوتاتهم كطائر باعتقادهم يجلب لهم الخير والتفاؤل والسعادة حتى ان البعض راح يعلق صور الطائر في مداخل بيوتاتهم ومحالهم التجارية على اساس انه اوانها تجلب الرزق له بينما اتخذ البعض الاخر من الطائر كتعويذة تجلب لهم الخير وتطرد الشر . وهنا في العراق وعندما نريد ان نشتم احدا بشتيمة انيقة وليس فيها مسبة نقول له ( بومة ) وعندما نريد ان نصف احدا بصفة اشبه بالانتقاص منه نقول له ( خلي يولي هذا البومة ) او ( جنه بومه ) او ( امشي بومه ) وهكذا هي البومة ربما مظلومة في مجتمعنا بينما تقدسها وتتفاءل بها شعوب ومجتمعات اخرى . واثارني عندما رصدت وانا بين حشود المتظاهرين في الباب الشرقي احدهم يرفع لوحة كارتونية ثبت عليها صور لبعض اعضاء مجلس النواب العراقي وكتب تحت كل صوره ( بومة )  نعم اذا طائر البوم عندنا لايتفاءلون به بل الغالبية يعده طائر مشؤوم يجلب النحس والفقر وبالرغم من جمال شكل الطائر الا ان نعيقه ينذر بالشؤوم واحيانا يصفون الاصوات النشاز بصوت البوم وهكذا صار طائر البوم عندنا في العراق طائر مكروه ونذير شؤوم . وكتب احدهم على موقع التواصل الاجتماعي يقول.. ولكنها نذير شؤم وصمت وراءه مصائب أهمها الحسد وفناء النعمة وهي تعد من الشياطين يعني شيطان أخرس ريشها أملس لا تعطي نفسها ولا يظهر لها صوت ترى بالعين اليسرى واليمن ويمكنها دمج الإرسال العينين معا والله الساتر.. واتذكر ان حادثة قتل واطلاق نار وفصل عشائري في منطقة العمارة جنوب العراق بسبب شجار بين شابين نعت احدهم الاخر بالبومة فرد عليه بلكمة كسرت اسنانه ليرد بطلق ناري من مسدسه الشخصي ليرديه قتيلا واثارت الحادثة شيوخ ووجهاء العشيرتين التي لم تفض الا بعد جلسات فصلية وتدخلات وجهاء وشيوخ عشائر اخرى كانت جميعا بسبب ( البومة ) وهذه الحادثة طبعا ضاعفت من كره الناس لهذا الطائر المسكين الذي لاذنب له فقط اسمه ونعيقه الليلي وتسكن في الاماكن المهجورة وهذا ربما سرها .. واما البومة في التاريخ فهي تحظى بأهمية كبرى لدى الفراعنة وكانت طائر رمسيس 2 المفضل، لكن ذات يوم ضربته بجناحها في وجهه وكادت تفقأ عينه فغضب عليها وصار ناقما عليها. اما في العالم الشرقي فيعد البوم في المشرق نذيراً بالشؤم, فهو يقيم على الأشجار الكبيرة العالية وفي الأماكن الخربة التي لا يرتادها الإنسان كثيراً، وربما لم يشاهدها الكثيرون، وتصدر صياحاً حزينا قد يخيف الناس في الليالي المظلمة، ولذلك فقد اعتبرها الناس فألاً سيئاً ونذير شؤم. وفي أوروبا وأمريكا أيضا يرمز بالبومة إلى الحكمة، حيث تمجد الاساطير اليونانية البومة وتحيط من حولها هالة من الحكمة. ويبقى نعيق البومة يثير بنا الاشمئزاز والتشاؤم ومازلنا نرى البوم كطائر يجلب النحس حتى صرنا ومنذ كنا صغارا اذا ماسمعنا نعيق البوم نصيح باعلى اصواتنا ( بارود سجين وملح ) معتقدين ان هذه الكلمات ستبعد البوم عن سمء بيوتاتنا والله اعلم واليوم صار نعيق البوم انقى من الاصوات النشاز التي تطلق هنا وهناك