لا شك ان للزعماء ورؤساء الدول قديما وحديثا هوايات يمارسونها خلال أوقات فراغهم بجانب انشغالهم بعملهم السياسي ومناصبهم الادارية، وما يرافقها من ارهاق وتوتر في الاعصاب للترفيه عن انفسهم و التخفيف من اعباء المسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عواتقهم.
وهذه الهوايات ــ المفيدة منها بالطبع ــ تصب في صالح بلدانهم لانها تجدد نشاطهم وتخرجهم ولو لبرهة من الزمن من دوامة الازمات السياسية وتساعدهم على رؤية القضايا بشكل اكثر عمقا وهدوءا وبالتالي طرح الحلول الناجحة لها وهي على تنوعها يمارسها معظم الرؤساء والملوك، فمنهم من يحب صيد السمك مثل الرئيس جورج بوش الابن ومنهم من يجيد فن الرسم ويقضي معظم أوقات فراغه امام لوحاته مثل الزعيم البريطاني السابق «تشرشل»، وكذلك يوجد من بينهم من يهوى اطلاق النكات والقفشات مثل الرئيس السوفياتي السابق ليويند بريجنيف والرئيس جلال طالباني أعاده الله الينا بالسلامة وهو بالاضافة الى خفة دمه ونكاته المضحكة لديه هواية أخرى وهي اكل لحم الديك الرومي «فسيفس أوعليشيش»، فهو يعشق لحم هذا الطير ويتذوقه، ويقال ان عنده مزرعة لتربية هذا الحيوان الجميل، طبعا تبقى هواية اكل الـ «عليشيش» أخف وأسهل بكثير من هواية اكل لسان البلبل ونخاع الطاووس التي كان يهواها الامبراطور الروماني «فيتيليوس»والتي هي على الرغم من غرابتها وصعوبة تقبلها، فانها لم تكن تلحق اضرارا كبيرة بالمجتمع قياسا بما كان يقوم به بعض ضباطنا «الاحرار»في عالمنا العربي من القفز على(صهوة) الدبابات والانقلاب على الشرعية وتولي الحكم بقوة السلاح، وطبعا لا توجد مقارنة ايضا بين اكل العليشيش ولسان البلابل وبين هواية دفن الناس وهم احياء باسم العروبة والحفاظ على السيادة الوطنية كما كان يفعله «صدام حسين»، او كما يفعل الان رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي» من قيامه بخلق الازمات واثارة الفوضى في العراق !!، فبعد ان كان يهوي شراء وبيع المسابح والخواتم في سوريا ايام المعارضة، وهي هواية لا بأس بها تفيد المجتمع وتنمي اقتصاده، تحول الى المتاجرة بالازمات بعد ان تولى الحكم واصبح رئيسا للوزراء، فلا يمر يوم دون ان يثير ازمة مع هذا او ذاك، حتى لم يبق مكون عراقي او شخصية سياسية لم يدخل معها في مشكلة ولم يفجر بوجهها ازمة، ومن حبه الكبير لاثارة الازمات بكافة انواعها، اصبح يتلذذ بها و يهواها كما كان يهوى الامبراطور «نيرون» إشعال حريق في روما وهو يعزف على قيثارته الشهيرة، الازمة اصبحت عند «المالكي» استراتيجية، وهدفا سياسيا ودينيا لايمكن ان يتخلى عنها ابدا ..واذا ما تخلى عنها لأيام، فإنه سيسقط فورا و يحاسب على جرائمه التي ارتكبها بحق العراقيين، الرجل عنده براعة في اثارة الازمات، فهو يثير ازمة واذا ما عجز عن حلها «وهو السائد» يعالجها بأزمة اخرى ألعن منها واكبر، واذا ما تراكمت الازمات وادرك انها ستنفجر بوجهه، اتجه الى ازمة اخرى اكبر واكبر وهكذا دواليك ازمة تجر ازمة حتى حول العراق الى بلد الازمات .. ولأجل إنجاح استراتيجيته المؤذية وتحقيق اهدافه السياسية، اختار مستشاريه ومساعديه على نفس تفصاله وشاكلته «مأزومين» لا يملكون مواهب وخبرات غير ؛ تأزيم الوضع اكثر ونشر ثقافة الازمة في البلاد، مهمتهم محصورة في هذا الاطار، نادرا ما تجد من بينهم من يسعى الى حل القضايا العالقة او يحاول جمع الفرقاء السياسيين على كلمة واحدة، فلاتجد من بينهم من يتصف بالحكمة والرزانة والعقل الذي يجمع ولا يفرق ويعتدل في كلامه ولا يتشدد، يطفئ ولا يشتعل، طبق الاصل من سيدهم «المالكي».
|