العراق العظيم في غرفة التخدير لاجراء عملية التقسيم

معاهدة سايكس- بيكو 1916 بعد ايام سيمر عليها 100 عام ويبدو ان مشروع تقسيم منطقة الشرق الاوسط عموماً وتقسيم العراق خصوصاً الى دويلات مذهبية او قومية قد خرج من الادراج السرية الى العلن والظاهر العراق على موعد من برنارد لويس.. سيّاف الشرق الاوسط ومهندس سايكس بيكو 2"الى جو – بايدن صاحب فكرة تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم على اساس طائفي وعرقي , فمقترح بايدن عرض بتاريخ 26 ايلول في عام 2007 على مجلس الشيوخ الامريكي وحصل على 75 صوتا مقابل 23 صوتا بالرفض وليس بايدن من يتبنى هذا المشروع بل وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر سبق وأن دعا في مارس/ آذار 2006 إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مكونات مرجحا أن يكون مصير العراق كمصير يوغسلافيا السابقة.

جون بولتون الباحث في معهد اميركان انتر برايز والسفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة ونائب وزير الخارجية الأمريكي ( سابقا ) قال ليس من الممكن القضاء على داعش وتقديم ذلك كمكافأة في الإبقاء على الأسد وتزايد المد الإيراني في العراق ... كذلك تصريحات الجنرال رايموند اوبيرنو رئيس هيئة اركان الجيش الامريكي الذي احيل الى التقاعد قبل ايام، وقال فيها ان تقسيم العراق هو الحل الوحيد لم تكن زلة لسان، وانما انعكاس لاستراتيجية امريكية تسير بخطى متسارعة في المنطقة العربية بأسرها، بدأت في العراق وامتدت الى سورية، وتتكرس في اليمن، ومن غير المستبعد ان تنتقل قريبا الى المملكة العربية السعودية كمرحلة لاحقة، بعد ان ينتهي دورها بشكل او بآخر في سورية واليمن... بل الامر تعدى ان حلفاء امريكا ايضا صرحوا بذلك السر فقد قال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج عن المخطط نفسه قبل شهرين عندما توقع تقسيم سورية الى ثماني او تسع دول، ومصر الى دولتين، والعراق الى ثلاثة، والسودان الى اربع، وليبيا الى خمس امارات او اكثر، ولم يتطرق الى المملكة العربية السعودية لتجنب اغضاب قيادتها، حرصا على التحالف القوي بين البلدين في الوقت الراهن.

ان الخطر الداهم الذي يتربص بالعراقيين ليس وليد الساعة بل هو نتاج عمل حثيث ونتاج مؤامرات أُعدت من زمن ليس بقليل واقربه عام ١٩٩١، إذ ما أن انتهت العمليات العسكرية حتى بدأت عمليات الحظر الجوي على جنوب وشمال العراق، وهو ما مثل بداية التأسيس لمشروع التقسيم، ووفقا لتوافق أمريكي بريطاني، والسماح بنشاط صهيو- أمريكي بريطاني في شمال العراق في المناطق الكردية، جاء الحظر الجوي ليوفر ملاذا آمنا لمن هم يعملون على تقسيم العراق وليحمى نشاطهم التخريبي من قوة الدولة المركزية العراقية.

امريكا تريد القول البديل الأفضل للدولة الإسلامية المزعومة في كل من شمال شرق سوريا وغرب العراق، هو تأسيس اقليم سني مستقل واقليم شيعي في الجنوب واقليم كردي وربما دولة كردية في الشمال.

ان القبول بقيام ثلاثة أقاليم رئيسية تخضع لحكم فيدرالي في بغداد هو الشرط الأساس لحسم ملف تنظيم داعش وتطهير العراق شبراً شبراً هذا شرط امريكا , وواشنطن سوف تتعهد أن تتولى حماية الحكم الفيدرالي الجديد في العراق بتأييد من مجلس الأمن مع العمل على مساندة حيدر العبادي كرئيس لحكومة فيدرالية تمثل العراق بما يشبه النموذج السويسري وسيتم اعلان العراق كمنطقة استراتيجية من الدرجة الاولى وان أمنها مرتبط بالأمن القومي الأمريكي , وامركيا ستحث بل تامر دول الخليج و الذين لابد إنهم قد استوعبوا الدرس من دعمهم للتنظيمات الإرهابية بالوقوف الى خيار المقترح الامريكي بتقسيم العراق كما تقترح على تركيا أن تدرك بأنها ستنعم باستقرار اكبر على حدودها الجنوبية إذا ما سمحت بنشأة هكذا دولة.

اذن العراق يتقسم ببطء إلى ثلاث دويلات وهو كالمريض المخدّر الراقد في غرفة العمليات منذ تسرطن جسم العراق منذ أخذت مكوناته المجتمعية تأكل بعضها البعض , ومن يقرأ الاشياء والوقائع والحراك الذي يحصل في المناطق الساخنة وتحديداً محافظات المثلث الغربي سيكتشف بسهولة ان ثمة رغبة جامحة نحو قيام الاقليم السني وهذا ما ظهر جلياً في تصريحات المساري والعاني وقبلها النجيفي اما ما نسمعه من كلام عن الوحدة الوطنية فأنه مجرد ذر الرماد في العيون وضحك على الذقون...بربكم قولوا لنا ماذا يفعل عدد من شيوخ العشائر يتقدمهم اثيل النجيفي في البيت الابيض؟ قولوا لنا بربكم ماذا يريد هؤلاء الشيوخ من الامريكان في هذا الوقت بالذات وما هو دور المستشارين الامريكان في قاعدة عين الاسد غرب الانبار؟! لماذا يستجدي شيوخ العشائر السلاح من الادارة الامريكية وما هي الغاية المنظورة او غير المنظورة من بناء جيش سني في المنطقة الغربية باشراف الامريكان؟! والسؤال الكبير ما هو سر تطابق مصالح رؤساء العشائر مع الامريكان الذين كانوا في وقت سابق يتعاملون معهم كمحتلين للعراق؟

وللموضوعية والإنصاف، فلا بد أن نشير إلى أن الأكثرية الساحقة من أبناء الشيعة والسنة من غير السياسسين في العراق لا مشكلة لديهم مع الطرف الآخر ولديهم رغبة شديدة بالتعايش السلمي مع بعض البعض بعيداً عن هذه النغمة الطائفية السخيفة

ولكن لا يخفي على احد ان الأكراد رغبتهم في دولة مستقلة، إذ قال رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني، خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركة، في مايو/ أيار من العام الجاري، إن وحدة العراق "اختيارية وليست إجبارية". وأضاف عبر حسابه على توتير "لا أعلم متى ستستقل كردستان، لكن الاستقلال بالتأكيد على الطريق.

امريكا مصرة على التقسيم في العراق وبايدن كاذب في تراجعه في إبريل/ نيسان 2015، عن رأيه السابق مناديا بعراق موحد لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"لان الجمهورين في مجلس النواب الأمريكي اقترحوا مؤخرا بتخصيص ميزانية لتمويل قوات البيشمركة الكردية والقوات السنية التي تقف في صف الحكومة العراقية في قتالها ضد تنظيم “داعش , وهل تعتقدون ان امريكا تصغي لرفض طرف عراقي لعراق موحد في حين طرفان يريدوه مقسما ؟ وهل امريكا يعيقها هذا الطرف في ظل هدف وستراتيجية قائمة لرسم خارطة شرق اوسط جديد لعموم المنطقة العربية وليس للعراق وحده .

طبعا ثمن الرفض سوف يكون زج اكبر عدد من خيرة شبابنا في مطحنة الموت وناسس جيش من الارامل والايتام مضاف الى الجيش الذي خلفه بحروبه صدام ويبدو أن النفوذ الإيراني والتاثير السعودي والقطري والتركي سيسرع هذه العملية التقسيمية في العراق

إيران هي الخاسر الأكبر من قيام اقليم شيعي في الجنوب وأخر سني في الغرب فعلاوة على ما ستفقده من نفوذ وامتيازات هنا وهناك، ويصبح هذا الواقع مصدر قلق لوحدتها لان الاحوازين والاكراد سيطالبنون بالحكم الذاتي او الانفصال وكذلك السعودية ستحصل بها اضطرابات لا تستطيع دولة ال سعود احتوائها من قبل اهل الاحساء والقطيف اذا ما امريكا غظت الطرف عن مساعدة ال سعود في مواجهة هذا التحدي والحالة قد تحصل في تركيا من احتمال تمرد الاكراد ومطالبتهم بحقوقهم اسوة باكراد العراق , لكن عمالة ال سعود واوردغان وتبعيتهما لامريكا اعمتهم عن كشف الحقيقة حتى المضرة لهم ... الرافضون للاقاليم يغضون الطرف عن ان العراق مقسم دون تقسيم لان من يريد زيارة كردستان لابد ان يحضر كفيل له من اهلها ومن يذهب الى المثلث الغربي عليه تحضير فديه لجثته التي ستعاد مقطعة , فالعراق حتى الجغرافية قسمته شماله ارض جبليه وغربه ارض صحراوية ووسطه وجنوبه ارض سهلية واهوار ... الرافض للاقاليم هدفه المكاسب والمناصب في ظل اكراد مستقلون وينونون الانفصال وداعش هدفها اقامة الخلافة الاسلامية والرافض لداعش هدفه الاقليم السني وضمانته الحرس الوطني فاعطونا هدفكم ايها الرافضون لفكرة الاقاليم ؟

اخيرا إن هناك عجزاً غير قابل للمعالجة في استمرار الحكم على وفق الوضع الحالي"بالنهر الدم الجاري , ما هو المشروع البديل ؟ كيف نوقف التداعيات في عملية سياسية في العراق غير واضحة الى الان ؟ وأن كان البعض لايريد ان يفهمها ويتعقلها فالدستور العراقي نص على الفدرالية والاقاليم وصوتنا عليه بنعم ماهو الموقف الرسمي والشرعي من الدستور والاقاليم اليوم ؟ لماذا البعض يريدها واخرون يرفضوها ؟