السبل الكفيلة بإنقاذ الاقتصاد العراقي والنهوض به |
لقد عانى العراق كثيرا وعلى مدى عقود من الزمن من غياب الرؤية الإستراتيجية الفاعلة لقيادة وتفعيل الاقتصاد العراقي. وبالرغم من الميزانيات الانفجارية نتيجة لارتفاع أسعار النفط والتي وفرت فرصة تاريخية فان هناك فشل واضح في استغلال هذه الفرصة التاريخية وخلق اقتصاد بديل للنفط يستطيع إخراج العراق من أزماته الاقتصادية وإدمانه الخطير على الاقتصاد النفطي. واليوم نعاني من تراكمات هذه السياسات الاقتصادية الخاطئة حيث انه وبسبب الاعتماد شبه الكلي على ريع التصدير النفطي وفي ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط يمر العراق بأزمة اقتصادية خانقة لا يمكن تجاوزها اعتمادا على الإيرادات النفطية خاصة وان التوقعات العالمية تنذر باستمرار انخفاض أسعار النفط وحتى بحسب أكثر التوقعات تفاؤلا والصادرة من مراكز الأرصاد والدراسات النفطية العالمية ليس من المتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى ما كانت عليه في المستقبل القريب. ولذا يتوجب علينا تأسيس وتنويع الاقتصاد العراقي والخروج تدريجيا من الاعتماد على الريع النفطي وخلق فرص وظروف ملائمة للاستثمار العالمي والعراقي تمكن العراق من خلق اقتصاد سوق حقيقي يرفع من دخل المواطن العراقي ويوفر فرص عمل هائلة بعيدا عن الاعتماد الكلي على الدولة والإيرادات النفطية المتناقصة. من هذا العرض القصير والمختصر أعلاه أردنا في مقالنا هذا تسليط الضوء على الحلول بدلا من الخوض في شرح المشاكل التي أصبحت معروفة للقاصي والداني وسنركز على طرح وسائل لبناء حلول اقتصادية جذرية وشاملة يتم من خلالها خلق اقتصاد عراقي حقيقي وبمعايير حديثة وعالمية. إن خلق اقتصاد عراقي ناجح يبدأ من تنشيط وتفعيل القطاع الخاص بمشاركة فعالة لرجال الأعمال العراقيين وخاصة من المعروفين والمشهود لهم بنجاحاتهم الاقتصادية الاستثمارية. ومن هذا المنطلق تبنت حكومتنا وعلى رأسها مشكورا السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي مبادرة مهمة وخلاقة لوضع الأسس الأولى لتصحيح مسار الاقتصاد العراقي وهي تأسيس مجلس اقتصادي استشاري من نخبة من رجال الأعمال العراقيين الوطنيين الذين يريدون أن يأسسوا ويمأسسوا لاقتصاد عراقي ناجح ومتين وبمعايير حديثة عالمية وناجحة. وتشرفت أنا شخصيا بتكليفي لرئاسة هذا المجلس والذي لازال في خطواته الأولى لتأسيسه وانطلاقه. ولكي نكون بمستوى هذه المسؤولية الكبيرة ونبدأ بالشكل الصحيح ونوفر المناخ المناسب لنجاح هذا المجلس كرسنا خبرتنا ومعرفتنا العميقة في مشاكل وايجابيات الاقتصاد العراقي والعالمي ووضعنا خطة مدروسة وإستراتيجية لعمل هذا المجلس الاستشاري أعلنها لكم و لأول مرة كما يلي: أولا: توزيع أعضاء مهام المجلس حسب الاختصاص بحيث يتولى كل منهم ملف معين ويكلف بإعداد خطة تتضمن المشاكل والحلول المقترحة تعرض على المجلس لمناقشتها وعقد اجتماعات منتظمة مع الوزارات العراقية لإيجاد بنية صالحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما ويتم تقسيم المجلس إلى مجاميع حيث تتكفل كل مجموعة بوزارة أو وزارات معينة ومن خلال هذه اللجان بحيث يكون في المجلس عضو متخصص بملف معين كالصحة والسياحة أو الصناعة أو الزراعة أو غيرها بينما اللجنة تضم أكثر من عضو وضمن مهامها أكثر من وزارة. ثانيا: التعاقد مع خبراء في القانون والاقتصاد من الأكاديميين ويتم تحديدا إعدادهم من قبل المجلس ويتولى هؤلاء إعداد مشاريع قوانين واقتراح قرارات تسهم في تطوير القطاع الخاص لعرضها على الحكومة وتحليل المشاكل التي يعرضها أعضاء المجلس ولجانه وطرح المشاكل التي يعرضها أعضاء المجلس ولجانه وطرح الحلول المناسبة. ثالثا: عقد لقاءات مستمرة مع هيئة الاستثمار لمناقشة سبل إزالة العقبات والروتين التي تعترض عمل المستثمر العراقي والأجنبي والتي كانت ولا تزال من أهم الأسباب الطاردة للاستثمار الأجنبي والعراقي. رابعا: تنظيم لقاءات مع سفراء وملحقي الدول التجاريين في بغداد والمحافظات ويتم انتخاب هذه السفارات على أساس الدول الراغبة بالاستثمار في العراق أو التي يمكن إقناعها بذلك أو التي لديها استثمارات لتطويرها ولعقد شراكات مع القطاع الخاص. خامسا: اقتراح مشاريع لتطوير القطاع الخاص العراقي للقضاء على البطالة وتنشيط القطاعات لتقليل الاعتماد على المستورد وهذه المشاريع تكون تارة على مستوى العراق وأخرى تختص بمحافظة أو منطقة معينة ويتم تنفيذ هذه المشاريع بالتعاون مع الحكومة. سادسا: تنظيم لقاءات بالتجمعات الاقتصادية في العراق كاتحاد الغرف التجارية ورجال الأعمال وغيرهم من التجمعات والمنظمات المتخصصة لغرض توحيد الرؤية في عمل القطاع الخاص. سابعا: تحقيق اجتماعات مع المعنيين في الحكومة لبحث ما تم التوصل إليه مع كافة الجهات المعنية وتنسيق المواقف والعمل المشترك. ثامنا: وضع خطة واضحة ومدروسة خلال هذه الفترة للشراكة بين القطاعين العام والخاص وخصوصا في مجال المساهمة في البنى التحتية وهذه الشراكة تحتاج من المجلس وضع خطوطها العريضة وما يحتاجه القطاع الخاص من قرارات حكومية لتسهيلها. تاسعا: عقد مؤتمرات اقتصادية لإيضاح الرؤيا والمشاركة في المؤتمرات الاقتصادية التي تقام خارج العراق. عاشرا: سيحاول المجلس خلال هذه الفترة إحياء التجارب الاقتصادية التي سجلت نجاحا في السابق والتي كان يديرها القطاع الخاص وسجلت نجاحات كبيرة والتعاون مع الحكومة لإعادة إحيائها والاستفادة من الخبرات المتوفرة في مجالها. احد عشر: التنسيق مع وزارة التعليم العالي للاستفادة من الخبرات الأكاديمية العراقية في وضع رؤيا لتطوير القطاع الخاص. اثنا عشر: إيجاد رؤيا أكثر فعالية لتوجيه القروض التي تعتزم الدولة إطلاقها لتكوين منتجة فعليا. ثلاثة عشر: السعي لان يكون للمجلس عضوا في اللجنة الاقتصادية الحكومية وعضوا غير مصوت في اللجنة الاقتصادية البرلمانية. أربعة عشر: العمل على إنشاء مركز للتحكيم التجاري والسعي لإصدار قانون خاص به لما له اثر كبير على جذب الشركات العالمية التي تحجم عن الاستثمار أو المشاركة بسبب ذلك. الجدير بالذكر أن هذه الخطة ليست تفصيلية وقد يراها البعض مجرد أهدافا وليست خطة ولكن الهدف لا يختلف كثيرا عن الخطة واعني بذلك أن الأهداف التي نسعى لتحقيقها خلال هذه الفترة هي عبارة عن خارطة طريق لخطة العمل و تستند التفاصيل على هذه الخارطة فمثلا توزيع المهام واللجان في (الفقرة أولا) تخرج من خلالها مقترحات تطوير السياحة والصناعة والزراعة والقروض وغيرها, ومنها يتم رسم الحلول ومن خلال تنفيذها يتم تشخيص المشاكل الناتجة من هذه الخطة وبذلك ستتولد نقاط جديدة تخلق كما هائلا من العمل الدؤوب والبناء يصحح ويؤسس لاقتصاد عراقي ناجح يتماشى مع الواقع الاقتصادي العراقي والعالمي. وقبل ختام مقالتي هذه أود أن اذكر الجميع أن هذا المجلس هو مجلس استشاري وهو يعتمد كليا على التمويل الذاتي والعمل الطوعي وأعضاؤه هم من رجال الأعمال العراقيين الذين يمتلكون إمكانيات اقتصادية متمكنة وخبرات عالية في مجال الاقتصاد والاستثمار العراقي والعالمي اجتمعت كلمتهم وعزيمتهم في هذا المجلس من اجل النهوض بالاقتصاد العراقي لما هو في خدمة وطننا العراق.
|