خرجت من المطار وكنت بمزاج غيرمعتدل، بسبب كل شيء كان سلبيا قد صادفني فيه ولهذا احاول ان اسرع بخطواتي كاني كنت سجينا لايريد ان يظل بالقرب من السجن او بالقرب من اسواره، بعد ان حصل على الافراج المفاجأ اللامتوقع. وبينما كنت احاول ان استعيد جزء من لياقتي التي قد فقدت معظمها بسبب طول ساعات طيران السفر والاجراءات المرافقة لها التي تضاعف من حالة الملل .. واذا انا قد اقتربت من مكان لمجموعة من سيارات الاجرة المنتحلة لوظيفة التاكسي وهي غير مرخصة وواقفة بطريقة عشوائية وسائقيها الذين هم في حالة تنافس وتزاحم لان كل واحد منهم يريد ان يستولي على اي مسافر.
طمعا باجرته التي قد تكون مغرية وربما تتعدى اجور يوم كامل في الايام الاعتيادية،ولهذا يتراكضون والبعض منهم ذوي كروش هاطلة قد عرقلتهم عن اللحاق برفقاهم الذين تركوهم وراءهم باتجاه مسافرقد ظهرلتوه من بوابة المطار. لانه لابد في النهاية ان ينفرد واحد منهم بالمسافر، لتبدأ بعدهاعملية التملق والاستغفال الصريح معا للمسافر الذي سيكون لحظتها غير قادرعلى تحديد قيمة الاجرة التي يجب عليه ان يدفعها الى احد جلاوزة سائقو السيارات اللامرخصة، الذين تختفي عند اكثرهم القناعة والنزاهة والنظافة. على اية حال كنت انا في حالة استعجال ولهذا لا اعرف في ما اذا قد نجح صاحب السيارة باستغفالي وبالتالي استطاع ان يحقق غايته وهي ان يقضم مني مبلغا كبيرا.
وبالفعل هو استطاع ان يحرز له اجرة عالية بعد ان عرفت لاحقا من خلال الغش المضمر الذي يغطى عليه بطريقة التوسل والتملق وهذه الطريقة السيئة والقبيحة لكسب المال المشبوهة هي المتبعة حاليا في العراق، وبين الاخذ والرد فقد اشتغل محرك السيارة التي لم تكن من النوع الجيد بل من النوع الذي يسهل على الاغلبية اقتناءه وهي لازالت باكياس النايلون التي تغطي كراسيها وظاهرة النايلون الذي لم يرفع من الكراسي او القنفات في اغلب الدوائر والمدارس والجامعات العراقية،التي لم اجد لها تفسيرا ممكن ان يكون ملائما لمثل هذه الظاهرة.
ولكن مع ذلك ربما هم يحاولون ان يحافظوا على نظافتها واذا كان كذلك فانا استغرب من هذا السلوك اللامألوف بل هو النقيض الواضح لسلوك اكثرية العراقيين،الذين برهنوا وبشكل علني انهم لايعتنون بنظافة بيوتهم ولا بنظافة وشوارعهم ولا بنظافة مدنهم ولهذا هم لايشعرون بالحرج من (اكوام الزبالة) ولا يتضايقون من الروائح الكريهة التي تفرزها البرك والمستنقعات المنتشرة بكثرة بين احياءهم وتكور فوقها اسراب البق والبرغوث،التي تفرض عليك الشعورالسيء والحكة حتى قبل ان تلامس جسمك حقا انها كارثة بيئية مسكوت عنها ولا اعرف الى متى ستبقى.!؟ والى متى يبقى الشعب العراقي غير معني بتدهور حياته وفقدان سمعته؟ وهو بامكانه ان يتجاوز هذه المرحلة الشبيه بالهمجية والانتقال الى مرحلة التحضر والتطور،لانه يملك كل الوسائل والمقومات،ولكن يبدولي ان العراقيين قد استسهلوا لانفسهم المرحلة الهمجية والا كيف يقبلوا او يتعايشوا؟مع هكذا ظروف صعبة ولاغية لكل الشروط الحياة الاساسية التي يجب ان تتوفر لاي واحد منهم ،لا كما مثل ماهم عليه الان من سلوك همجي بربري ثالم لانسانيتهم وكرامتهم. ولكن يبدو انهم قد اعتادوا ان يستمروا بالفعل الخطأ والتفكير الخطأ وهذا جله وكله طبعا نتيجة اسباب كثيرة وكبيرة لامجال لذكرها هنا والان ومن بينها وهو اقلها الكسل المفتعل والاهمال واللامبالات والاهم من هذا انهم لايحبون تحمل المسؤولية ولذلك (اكوام الزبالة) والخراب والفساد الاداري والاخلاقي في كل مكان،واينما تتجه.بينما دينهم الاسلامي له شعار جميل ومهم وهو( النظافة من الايمان) الذي يحثهم وهم كمسلمين كما يدعون فعليهم ان يكونوا باستمرار ملتزمين به ولكنهم للاسف يتصرفون عكس الشعار تماما.!!!
|