حمام نسوان

 

نتيجة طبيعية إن نصف بعض جلسات مجلس نوابنا والإجتماعات الحكومية وخاصة عندما يحتدم النقاش داخل قبة البرلمان او حول الطاولات المستديرة في دوائر وبيوتات المسؤولين لمناقشة واقع العراق او قرار ومشروع صار الشارع العراقي يصفها بحمام النسوان . وكثيرا هي مشاهداتنا لاجتماع ومجالس نوابنا وعندما تنقلها وتسجلها وسائل الاعلام المرئية وكيف يصل النقاش ذروته ويكاد رئيس الجلسة لايسمع حتى نفسه فيبدأ بالطرق على الطاولة  يامرهم بالسكوت والهدوء محذرا انهاء الجلسة او طرد المتجاوزين من الذين يتحدثون بصوت عالي ونشاز، ومنهم من يعترض وآخر من يؤيد وهكذا احيانا تصل جلساتنا الى الشتائم والالتحام والتشابك بالايدي وتحطيم الكراسي وربما اصدار كلمات سوقية  بين البعض . ويعد البعض ان مثل هذه الجلسات التي قد تصل الى التراشق بالاحذية وكل ما فوق المناضد من اوراق واقلام واقداح  على انها هي عنوان للديمقراطية الحقيقية ! اية ديمقراطية هذه التي نشاهد ونسمع كلمات لايستخدمها حتى ابناء الشوارع عندما يختلفون ويتشاجرون ؟ اية ديمقراطية هذه التي لانحترم فيها رئيس ونواب اية جلسة ونصفه بالحرامي والمتآمر والجبان وغيرها من العبارات التي لاتليق ان ينطق بها سياسي ؟ نعم انها الديمقراطية التي جلبها الاحتلال ودائما يتعكز عليها الضعفاء من الذين صفقوا وقدموا مع المحتل ليتربع على مناصب حتى في الحلم لاتاتيه . وراحت اقلام صحفيين وقصائد شعبية وفصحى واحاديث تصف مثل هذه الجلسات بـ حمام نسوان , نعم حمام نسوان والماء مكطوع وتصوروا وتخيلوا الحالة والفوضى في داخل الحمام . ومازالت ذكريات طفولتي عندما كان في محلتنا بمحافظة النجف حماما للنسوان يجاور مقهى شعبية وكثيرا مايطرق صاحب المقهى باب الحمام بقوة وهو يصيح باعلى صوته ( كافي لغوة والله دوختونه وراح انعزل من وراكم ) هذه الصورة لم تغب عن ذاكرتي . فتصور ان المقهى الشعبي وفيه يلتقي مختلف الشرائح من عامة الناس وهم يلعبون الدومنه وغيرها من الالعاب يشكون من الاصوات التي تنطلق من حمام النسوان المجاور للمقهى  ! وهكذا صرنا نطلق على كل حالة هرج ومرج وصراخ اثناء الحديث بـ   حمام نسوان الذي صار للاسف في غالبية الدوائر الحكومية والقطاعات الخاصة وخاصة التي تفوق فيها اعداد النساء على الرجال  وعندما يجتمعن ويلتقين بعض الموظفات اوقات الفراغ وهو اي وقت الفراغ يتصدر ساعات دوامهن اليومي فيصدرن وخلال نقاشهن اصواتا وضحكات تصل الى سابع جار كما يقال ولاتليق بالجنس اللطيف .والغريب ان في بعض الدوائر التي تحتاج الى تركيز وفكر ومتابعة في الكتابة والقراءة تضاعفت مؤخرا مثل هذه الحالات مايؤكد ان اوقات الفراغ عند البعض هو اهم من اوقات العمل والكتابة والقراءة وربما حالات مرضية ومعانات منزلية وممارسات نشاز تريد نقلها الى الدائرة  على حساب الآخرين بالتالي يضطر مجبرا بعض العاملين والموظفين ان يستمع الى صراخ واصوات غالبيتها مقززة وهو لاحول له ولاقوة الا ان يستمع الى احاديث فارغة ويصبر نفسه وربما يضع يده او سماعات على الاذن وربما قطناَ ليتمكن من مزاولة عمله وهو يردد بينه وبين نفسه ( احنه بحمام نسوان مو بدائرة )