ربيع الانتاج الوطني..

كانت تصرخ بصوت عال امام كاميرات الفضائيات صبيحة ذلك النهار في تجمع قرب الشركة التي تعمل فيها (( مابها منتجاتنا؟ انها افضل من تلك المستوردة وارخص منها .. تعالوا واحكموا بأنفسكم )) وراحت تشير الى ماارتدته من درع واق وخوذة عسكرية .. تشبه تماما ملابس قواتنا الامنية، لكن الفرق ان هذه صناعة محلية وتلك صناعة اجنبية.. ولكم ان تعرفوا كم هو الفرق في الاسعار وامور اخرى.. تتحكم بمصير المئات من المصانع والمعامل العراقية التي توقف انتاجها على نحو تدريجي بعد عام 2003 وغدا كل مايلبسه المواطن او مايأكله او مايستخدمه في حياته اليومية مستورداً مقابل شلل تام اصاب مصانعنا واصاب العاملين معه بالكسل والاحباط وهم يزجون بضاعتهم في المخازن بعد رفضها من معظم المؤسسات الحكومية لاسباب تتركز في ضياع الغيرة على المنتوج المحلي بالدرجة الاساس واستبداله بالفساد الذي حل محله، وامكانية الافادة من عقود الاستيراد بطرق ووسائل متعددة.

لكن الاخبار تأتي على نحو مفاجئ ومفرح ايضا عندما تنشغل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الاخرى، اليوم بالاعلان عن عودة العشرات من المصانع والمعامل العراقية الى العمل وطرح منتجات جديدة بذات النوعية الممتازة التي تفتخر بها صناعتنا المحلية في سنوات مضت، وتركزت الدعوات( ومعظمها يقوم بها اعلاميون ومثقفون) لعموم الناس بتشجيع الصناعة الوطنية وطلبها من الاسواق وهي متوفرة باسعار تنافسية، ومخفضة جدا، مع صور لمنتجات الشركة العامة للالبان العراقية و التمور والاجهزة الكهربائية والصناعات الجلدية والصناعات الدوائية شركة سامراء الشهيرة التي تلقفت امراضنا في زمن مضى واثبتت جدارتها امام مثيلاتها المستوردة، حتى ان العديد من العراقيين في الخارج كانوا يوصون اقارب لهم بشراء كميات من الادوية العراقية بكل اشكالها والسبب هو فاعليتها الجيدة .

عودة الانتاج الوطني، يكمن تسميته بربيع الصناعة الوطنية التي اشتاق لها المواطن وصار يترحم على كل مايراه من حاجيات عراقية قديمة ارتبط معها بذكريات ومحطات حياة جميلة ، علاوة على ماتوفره تلك الصناعات من فرص عمل للمئات من الايدي العاملة وتنشيط القطاع الخاص ليأخذ دوره لانقاذ مايمكن انقاذه من تدهور الميزانية وعفريت التقشف الذي صار حديث المسؤولين في اي محفل رسمي، وحتى نوفر بعض من اموالنا التي صارت تتبخر الى دول الجوار ونحن نستورد منها كل شيء بما فيها المياه والتمور المعلبة!...

ذلك الربيع لايمكن له ان يتواصل بدون دعم المؤسسات الحكومية اولا بتطبيق الفقرة 36 من ميزانية عام 2015 والتي تلزمها بشراء ماتحتاجه من القطاع العام ومحاسبة الجهات التي تتعمد استيراد بضائع رديئة بأسعار رخيصة بهدف اغراق الاسواق على حساب الصناعات المحلية التي اكدت انها قادرة على تلبية حاجة السوق والمؤسسات الحكومية بالبضائع في حال تشغيل كامل قدراتها الانتاجية.

هل سنشهد ربيعاً حقيقياً للصناعة الوطنية ام ان حيتان الفساد ستفسد علينا فرحتنا مثلما تفعل كل مرة؟.