العرب بنظر مستشار روحاني

 

قتلنا الأمين فقضينا على سلطة العرب إلى الأبد بهذه الكلمات بدأ مستشار الرئيس الإيراني لشؤون القوميات والأقليات الدينية علي يونسي كلمته بمناسبة وفاة الإمام الثامن في المذهب الشيعي الاثني عشري علي ابن موسى الرضا مضيفا أن أغلبية الأحداث التي نعيشها اليوم هي “محاولة لاستعادة سيطرة العنصر العربي على العالم الإسلامي”، ولم يستثن تنظيم داعش من خطابه اذ قال مستشار حسن روحاني والذي كان يخطب في مراسم أقيمت في حسينية فاطمة الزهراء بالعاصمة الإيرانية طهران، “أن تحرك داعش جاء تلبية لنزعة العرب الرامية إلى التحكم في العالم الإسلامي والتخلص من شعورهم بالدونية تجاه الفرس والأتراك”، مضيفاً أن داعش يريد “استعادة الخلافة العربية وليس الإسلامية لذا ترتكب أي جريمة لتحقيق هذه الغاية” على حد قوله.ان العقلية الفارسية الايرانية فكرة مفادها إقامة إمبراطورية فارسية تمتد من مدينة (قم) الايرانية ذات البعد الشيعي الصرف إلى كل الإتجاهات بحيث تضم معظم الدول العربية.والان اللحظة مؤاتية ومناسبة في نظر المرشد الاعلى والقيادة الإيرانية لفرض نفوذها على المنطقة بأسرها إنطلاقاً من الأحواز وبعض المراكز والجيوب التي نجحت إيران في تشكيلها في الواقع العربي ذلك لأن العرب يمرون بأسوأ مراحل تاريخهم بضعف قدرتهم على مواجهة التحديات وتفكك العلاقات الداخلية العربية وغياب دور العراق ومصر والسعودية التي بدأت تستيقظ متأخرا من الخطر الايراني  وتحاول الوقوف كرادع لطموحات إيران التوسعية، كل هذا سهل للتوغل الإيراني والتمركز في أهم أجزاء الدول العربية (العراق، سوريا، لبنان، فلسطين, اليمن, البحرين) ، هذا فضلاً عن وجودها السري على شكل الخلايا النائمة عن طريق جهاز الاطلاعات الايرانية في دول الخليج ان التوتر الدائم والعداء المستمر بين ايران وجيرانها من العرب  لها ماض طويل وقديم قدم الحضارات التي قامت على اراضي الطرفين. فلو تتبعنا التاريخ الماضي لوجدنا ان العلاقة بين بلاد فارس وبين جيرانها على حدودها الغربية وخاصة بلاد وادي الرافدين اتسمت بالعداوة أكثر مما اتسمت بالصداقة ! واتسمت بعلاقة القوي على حساب الضعيف ! وكان الحرب سجالا بين الطرفين. وكانت أرض العراق  وبسبب حدوده البرية الطويلة مع بلاد فارس  مسرحا لذلك الصراع الذي أتخذ طابعا مختلفا في كل فترة كالصراع السياسي والذي تمثل في عمليات الغزو للسيطرة على النفوذ وموارد الثروة . وفي الصراع العرقي (القومي) , الفارسي – العربي  فكل طرف يرى في نفسه العنصر المتفوق والعنصر الأسمى . ثم الصراع الديني – المذهبي . ولقد كان استعمال القوة العسكرية حاضرا في كل تلك الصراعات . وبعد الفتح الاسلامي لبلاد فارس ودخول معظم بلاد فارس للدين الجديد سواء رغبة أو رهبة , بدأ صراع من نوع جديد بين العرب والفرس ! أنه الصراع الفكري الحضاري بين قوميتين ! صحيح أن العرب المسلمين أنتصروا على الفرس عسكريا ولكنهم لم ينتصروا فكريا وحضاريا! لقد تأثر العرب بالفرس أكثر من تأثر الفرس بالعرب هذا لو استثنينا التاثير الديني والذي تم عن طريق القوة العسكرية ! لأن الفرس كانوا أصحاب حضارة ممتدة لآلاف السنين وقد وصل ذلك الصراع ذروته في العصر الأموي  فقد كانت الدولة الأموية ( عربية واعرابية ) ان لم نخطى في التعريف كما وصفها الكثيرون من المؤرخين العرب وغير العرب ومنهم الجاحظ ولقد تصاعد الصراع حتى اقترب من العصبية الجاهلية وأطلقوا على من ليس عربيا اسم ( الموالي ) وخاصة الفرس حتى وان دخلوا في الاسلام وذلك لتمييزهم عن العرب ! فلقد تبلورت على ساحة الصراع في الدولة العربية الاسلامية في تلك الفترة تياران رئيسيان :

الأول : تيار العصبية العربية : وكان بنو امية قادة هذا التيار وضربوا عرض الحائط حديث ( لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى) ! وقد تمادوا في عصبيتهم الى درجة أنهم خالفوا تعاليم الاسلام في ذلك ! فتذكر المصادر مثلا منع الحجاج أن تتزوج المرأة العربية المسلمة من مسلم غير عربي ! ومنع غير العربي أن يصلي أماما وخلفه عربي ! وقد أدت تلك السياسة ( التمييز على أساس القومية )الى الاحتقان القومي بين العرب والفرس ! الثاني : تيار التعصب الفارسي: وهؤلاء طبعا من الموالي الفرس الذين تاثروا من العرب لاحتلال دولتهم , فكرهوا واحتقروا كل ماهو عربي لغة وفكرا وملبسا وعادة. فلم يكن من السهل على الفرس أن يتخلوا عن مجوسيتهم ولم يكن من السهل عليهم أن يخسروا امبراطوريتهم , وبالتأكيد كان أمرا مؤلما لهم أن تسلب أموالهم وأن تهان كرامتهم وأن تسبى نساءهم وأن تباع بناتهم في سوق النخاسة العربية وأن تهدى أميراتهم لابناء العرب ؟؟؟ انها الطبيعة البشرية !!! فأدى ذلك الى نشوء حركة سميت فيما بعد بــ ( الشعوبية ) ! وبالتالي أدى الى قيام الدولة العباسية وبسواعد فارسية .لقد كان للفرس حضور قوي داخل القصور العباسية وذلك بفضل نسائهم , خاصة البرامكة الذين سيطروا على كثير من المناصب في عهد هارون الرشيد الذي أرضعته زوجة يحيى بن خالد البرمكي ! وبعد الرشيد بدأ صراع الأخوة الأعداء الأمين : ابن( زبيدة) العربية الحرة , والمأمون : ابن (مراجل) الفارسية . فمحمد الأمين كان مساندا من قبل العرب و عبدالله المأمون كان مدعوما من قبل الفرس وخاصة من اهالي خراسان ! وكان الصراع بين الأخوين يمثل صراعا بين العرب والفرس وهذا مايقصده مستشار الرئيس الايراني عند حديثه عن حادثة قتل الامين بحيث انتصر فيه الفرس على العرب بانتصار المأمون على اخيه ! هذه كمقدمة تأريخية أما في العصر الحديث فقد تمكن الايرانيون بإحتلال الأحواز أن يخطوا خطوتهم الأولى نحوتحقيق حلمهم  إذ أصبحت إيران دولة مطلة على بحر الخليج العربي أو مايسمونه الايرانييون بالخليج الفارسي كمنفذ يوصلهم بالعالم وصارت  ايران تشرف على مضيق (هرمز) الذي يعتبر أهم مضيق مائي في العالم حيث تمر عبره أكثر من 60% من نفط العالم، بل أصبح الايرانيون بذلك على مشارف الجزيرة العربية وأرض الحرمين الشريفين والعراق وفطنت طهران أن سيطرتهم على مقدرات العرب في المياه الدافئة سوف تقوي نفوذهم إقليمياً ودولياً لذلك دخلوا في حلف مع الانكليز الذين مكنهم من الأحواز خدمة لحساباتهم السياسية في المنطقة في مواجهة الإتحاد السوفيتي (القوة الناشئة)آنذك،وعلى مدى عقود لم تكف إيران عن الإعلان عن أطماعها في منطقة الخليج بصور مختلفة،وكانت حرب الخليج الأولى أقوى هذه الصور وإن أصيبت أحلامها بتصدعات عميقة جرّاء هذه الحرب التي خرجت منها منكسرة عسكريا وماديا ولوجستيا .وأخيرا يرى المحللون السياسيون والإستراتيجيون والعسكريون أن المشروع النووي الايراني في الوقت الحالي والتسلح الصاروخي وترسانة الأسلحة الهائلة التي تكدسها إيران توضح لنا حتمية الصراع العربي الفارسي الذي لا يحتاج إلى براهين وأن نزعة ايران  ضد الدول العربية مبعثها روح الكراهية والأحقاد التاريخية وأطماع التوسع الإقليمي والسيطرة على المقدرات العربية ويستدعي ذلك بالضرورة التنفيس عن أحقادهم المتوارثة والثأر من العرب والعمل على إبعادهم عن مكانتهم الدولية خاصة مصر والمملكة العربية السعودية التي تقود و تتصدر المشهد السني . وعند حديثنا عن الصراع بين شيعة ايران والسنة العرب من جانب وصراع الشيعة مع الشيعة فيمكن القول أن بوادر الصراع المذهبي والقومي لها أسباب عديدة منها قومية ومنها دينية وتلتها الاسباب المذهبية والتي تتوج بالصراع العراقي الايراني والصراع ضمنا بين شيعة العراق كما أشار الى ذلك بشكل جلي الاستاذ حسن علوي في كتابه (شيعة السلطة وشيعة العراق) ولطالما رأينا بعض إرهاصاتها على أرض الواقع واضحة جلية للعيان خاصة في الوقت الحالي. ولكن لعدم رغبة الطرفين في الكشف عنها لأسباب معروفة لكن قليلة هي الدراسات والبحوث التي كتبت في قضية الصراع العربي الفارسي وقد يكون السبب حسب تصوري يعود مرده إلى الهيمنة الايرانية المادية والإعلامية والعسكرية الى حد ما قديماً وحديثاً.