ازدهار مبيعات الطائرات الصينية المسيرة نتيجة لحرب العراق ضد تنظيم داعش |
بقلم باتريك بويهلر وغيري دويلديك "جريدة نيويورك تايمز" فحسب فلم مصور نشرته القوات العراقية المسلحة، ظهر جنود عراقيون يستخدمون طائرة صينية مسيرة بتاريخ الـ6 من الشهر الحالي، وذلك لقصف وتدمير موقع تابع لتنظيم داعش الارهابي ضد جهود الحكومة العراقية الرامية لاستعادة مدينة الرمادي من براثن التنظيم المتطرف. وقد اكد متحدث رسمي لوزارة الدفاع العراقية صحة ذلك الفيلم قائلا ان ما ورد فيه حقيقي فعلا. غير ان هذه الضربة الفتاكة التي نفذتها هذه الطائرة تمثل خطوة كبرى الى الامام بالنسبة للصين ورغبتها تصدّر قائمة موردي المعدات العسكرية حسب قول الخبراء. وعمليا، يعد العراق البلد الوحيد المستورد لهذه الطائرة الصينية المسيرة التي تعرف كذلك باسم CH-4، والتي تشابه الى حد كبير نظيرتها الاميركية MQ-9 Reaper التي تنتجها شركة جنرال اتوميك للصناعات العسكرية المتقدمة. ولربما كان استخدامها القتالي الاولي في العراق بمثابة اشارة بدء لمشترين آخرين قد يرغبون بحيازتها. عن هذا الموضوع، يعلق العقيد ليومينغ فو من الجيش الصيني قائلا "هنالك قفص خيزران كبير، والولايات المتحدة تريد جميع الدول ان تعض بعضها البعض في داخله كما لو كانت حيوانات محبوسة داخل هذا القفص". من جانبه، يقول ريتشارد بيتزينغر، وهو زميل اقدم من مركز راجاراتنام للدراسات الدولية في جامعة نانيانغ للتكنولوجيا في سنغافورة، يقول معلقا "ان هذه هي المرة الاولى التي اسمع فيها عن طائرة صينية مسيرة مثل CH-4 التي تمثل محاكات عميقة للطائرة الاميركية المسيرة Reaper، والتي اوردت التقارير انها اداة قتل مباشرة وفعلية، فضلا عن انني افترض بقوة ومن دون مديح ان هذه الطائرة الصينية لن تكون الاخيرة". يحصي بيتزينغر ان القوات العراقية المسلحة ستكون بحاجة الى 6-12 طائرة من هذه الطائرات الصينية المسيرة بغية تنفيذ عملياتها بكفاءة وفاعلية. وحسب جيرمي بيني، وهو محرر لشؤون الشرق الاوسط وافريقيا في مجلة الدفاع الاسبوعية، فقد ذكر عبر رسالة الكترونية عن هذا الموضوع بعث بها الى نيويورك تايمز قائلا "حينما اعلنت وزارة الدفاع العراقية رسميا عن استخدام هذه الطائرة شهر تشرين الاول الماضي، كان هنالك اثنتان من محطات السيطرة الارضية عليها يمكن رؤيتها آنذاك". واضاف كذلك "بالنظر الى الانشاءات النموذجية المتعلقة بالطائرات، والمعروفة بأن كل محطة سيطرة تدير اثنتين من الطائرات، فأن من المحتمل للعراق ان يكون بحوزته الان 4 طائرات من هذا النوع على الاقل". وحسب بيني، فأن الصين تستخدم طائرة CH-4 كذلك، فيما عمدت بكين الى بيع انتاجها الاقدم المعروف بـCH-3 الى كل من نيجيريا وباكستان. وكانت الصين قد اصبحت العام الماضي ثالث اكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا حسب معهد ستوكهولم الدولي للسلام، ومقره في السويد. كما ان شركات الدفاع الصينية تعمل بجد وحرص من اجل تصدير منتجات تكنولوجية فائقة ومتقدمة مثل الطائرات المسيرة وانظمة الدفاع الجوي والمقاتلات النفاثة الشبحية، غير انها لم تصب نجاحات كثيرة في ذلك حتى الان. يتم انتاج طائرة CH-4 التي يعني اسمها "قوس قزح" في معامل شركة الصين للعلوم وتكنولوجيا الفضاء ومقرها بكين، وهي عبارة عن مجموعة مملوكة للحكومة الصينية. وحسب احد المواقع الصينية المتخصصة انه نشر مقالا عن هذا الموضوع العام الماضي 2014 قال فيه "ان الطائرات الصينية المسيرة تعكس مسيرة ابحاث وانتاج الصين نحو العالم". لكن الشركة المنتجة، في الوقت ذاته، رفضت الرد على كل الرسائل والاتصالات بغية استطلاعها عن الموضوع. شوهدت هذه الطائرة للمرة الاولى في عرض جوي في بكين عام 2013 حسب ما اوردت وكالة انباء الصين الخبرية. كما اوردت وكالة الانباء الرسمية الصينية شهر آذار من العام الحالي ان سلاح الجو العراقي تسلم طائرات من هذا النوع، فضلا عن ورود ذلك في تقارير اخبارية روسية. وحسب شريط فيديو مصور بثته الحكومة العراقية، فقد عمدت وزارة الدفاع في هذا البلد الى اختبار هذه الطائرة شهر تشرين الاول الماضي انطلاقا من قاعدة جوية في مدينة الكوت. بحسب مقال نشرته نشرة اخبار الفضاء الصينية التي تديرها شركة الصين المنتجة، تستطيع طائرة CH-4 توجيه ضرباتها على ارتفاع 16000 قدم مع التحليق بسرعة تصل الى 180 كيلومترا في الساعة. وحسب المقال ذاته انه اشار "من الواضح ان سعر طائرة CH-4 اقل بكثير من سعر دبابة قتال متقدمة في سوق السلاح الدولية". كما ان تعويض خسارة طائرة من هذا النوع ممكنة ماديا حتى في حال كانت موازنة البلاد العسكرية مشدودة كما هو الحال مع الدول الصغيرة حسب المقال ذاته. يقول الخبراء ان صناعات الطيران والطائرات المسيرة الصينية مبنية بالدرجة الاساس على المنافسة في الاسعار. كما ان المحددات والقيود التكنولوجية تعني ان هذه المنتجات وان كانت تعمل بكفاءة اقل من مستوى نظيراتها المنتجة في الغرب، الا انها في الوقت ذاته ارخص ويمكن بيعها وشراءها بسهولة من دون قيود معقدة. في سياق متصل، يقول كيلفن وونغ، وهو مراسل لمجلة الدفاع الاسبوعية عن شؤون المحيط الهادي التكنولوجية، يقول معلقا "كما ان من المعروف ان الصين تعاني مشاكل وصعوبات فيما يخص تطوير محركات الطائرات النفاثة والاعتيادية. ونتيجة لذلك، فان محركات الطائرات الصينية تلقى قبولا اقل بوجه عام فيما يخص الانجاز والاداء"، في اشارة من وونغ الى الطائرات المسيرة من دون طيار. من جانب آخر، فبما ان العراق يعاني حاليا شحة في الموارد المخصصة للقوات المسلحة التي تخوض صراعا شرسا ضد تنظيم داعش الارهابي، فأن الطائرات الصينية المسيرة تمثل خيارا بديلا سريعا لضربات قوات التحالف الجوية، وذلك حسب جيفري لين وبيتر سنغر الذين تتبعا التقارير الخاصة بانتشار واستخدام الطائرات الصينية المسيرة في العراق ونيجيريا والسعودية. وقال الاثنان ضمن مدونة لهما على شبكة الانترنيت يوم الثلاثاء الماضي معلقين "ان قدرة التحرك الواسعة مع دقة الاسلحة المحملة على الطائرات المسيرة تمنح الوحدات العراقية الصغيرة امكانية رد سريع ومرن بغية دعم واستغلال ظروف الميدان المفاجئة". وعدا عن اسعار الطائرات الصينية المسيرة المنخفضة بالمقارنة، فأن القيود الشديدة التي تفرضها الولايات المتحدة على صادراتها من انظمة الاسلحة المسيرة انما تفتح باب سوق مربح للمصنعين الصينيين حسب ما يؤكد السيد تيموثي آر هيث، وهو محلل اقدم لشؤون وابحاث الدفاع ضمن مؤسسة راند الاميركية. واضاف هيث ضمن رسالة الكترونية بعث بها الى جريدة نيويورك تايمز انه قال "بالنظر الى عدد الدول التي قدمت طلبات او اعربت عن رغبة بالحصول على الطائرات الصينية المسيرة، فأن الحدث الجديد المتمثل باستخدام الحكومة العراقية لطائرات صينية مسيرة مسلحة في حرب العراق الحالية ضد اهداف ارهابية محلية انما قد يتكرر ويصبح امرا مألوفا عبر انحاء العالم". لكن السيد بيتزينغر يقول ان عشرات الدول الان تنتج طائرات مراقبة مسيرة، والتي تستخدم في كل المجالات، والتي يتوقع لها كذلك ان تدخل ميادين القتال كذلك. وختم بيتزينغر يقول "من الواضح ان مرحلة الطائرات المسيرة، الصينية والاوربية والايرانية والروسية، انما يتوقع لها ان تصبح مرحلة الانتشار الجديدة في عالم اليوم".
|