كتب الأستاذ عبد الجليل الزبيدي مقالا بعنوان : "يا ليتني كنت بعثيا" في "كتابات " بتاريخ 12 نيسان من سنة2013 . وما كنت لأرد عليه لولا تكرار الفكرة ذاتها مرات عديدة في الصحافة الالكترونية العراقية. أنا أفهم السادة الذين تناولوا هذا الموضوع، فقر مررت بالظروف نفسها التي جعلتهم يكتبون. طلب مني المدير العام للسينما والمسرح سنة 1995 عمل فيلم بعنوان "السيد الرئيس". فاستغربت ، لأنه يعرف جيدا رأيي بالرئيس وبنظامه. لكنه قال لي أن السيد الوزير هو من ألح على تكليفي أنا بعمل هذا الفيلم. خرجت من غرفة المدير العام وأنا أكاد أسير كفاقد الوعي. لأني استطيع أن أقول للاستاذ يوسف الصائغ ما أشاء، لأني أعرف أنه يكره النظام في سره كما أكرهه أنا. لكن أن أقول ذلك لوزير كان يرأس لجنة للتحقيق والغ في دماء العراقيين فذلك يحتاج لشجاعة لا أملكها. وكما يقولون "الهزيمة ثلثا المرجلة"، قررت الهرب، وقد ساعدني الرحمن في ذلك. بعد ذلك علمت أن أحد الزملاء عمل ذلك الفيلم المشؤوم. سبق لهذا الزميل أن حصل على "مكرمات" جعلته يشيد لنفسه قصرا في المنصور، وهو مستمر لحد الآن في استلام تقاعده. كلفته وزارة الثقافة باخراج فيلم روائي ليشارك في "بغداد عاصمة الثقافة العربية"، حصل على أجور عالية، ووو. ذهب النظام الى مزبلة التاريخ. وعدت للعراق. لكن، لم أستطع العودة الى عملي لأن وثائقي كلها قد احترقت، مع عمارة المؤسسة. وكان علي أن أقدم وثائق تثبت كوني مخرجا عملت في هذه المؤسسة أكثر من خمس وعشرين سنة وعدة أشهر. وحين سألت أحد المسؤولين : لماذا لم تحترق وثائقكم أنتم واكتفت النار بالتهام أوراقي. قال لي أن النار التهمت أوراق كل المفصولين التي كنا قد وضعناها في غرفة خاصة. سبحان الله، حتى النار غاضبة على المفصولين فأكلت وثائقهم . لكنها لم تجرؤ على الاقتراب من وثائق البعثيين., استغرق جمع الوثائق ثلاث سنين، وأنا الآن سأقدم معاملة الاحالة على التقاعد، وقد رفضت رئاسة مجلس الوزراء احتساب مدة الفصل لأغراض التقاعد مع أني قدمت لهم وثيقة تثبت أني كنت لاجئا سياسيا. والآن ، أُضطَر في كل مرة أريد زيارة العراق أن أستدين من المصرف، وأن أقبل معونة أهلي لأن المعونة الاجتماعية التي أستلمها لا تكفي للعيش في بغداد. لكن... هل أتمنى لو أني كنت بعثيا. كلا ، والله، اني أحمد الله كثيرا على أني لم أكن بعثيا. فأنا أعرف أني سأموت سأموت ، سواء أكنت فقيرا أم غنيا، ولن آخذ معي سوى أمتار من قماش. لكن، حين آوي الى النوم وأستذكر حياتي، أذكر أني عملت الكثير من الذنوب . لكني أحمد الله لأني لم أخن فكري ونفسي. وتلك لعمري نعمة ما بعدها نعمة. فالحمد للرحمن رب العالمين. |